responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دانش نامه اميرالمؤمنين (ع) بر پايه قرآن، حديث و تاريخ نویسنده : محمدی ری‌شهری، محمد    جلد : 12  صفحه : 508

7 / 4

تَعذيبُ مُحِبّيهِ وتَشريدُهُم وقَتلُهُم

6280.شرح نهج البلاغة : رُوِيَ أنَّ أبا جَعفَرٍ مَحمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الباقِرَ عليه السلام قالَ لِبَعضِ أصحابِهِ : يا فُلانُ ، ما لَقينا مِن ظُلمِ قُرَيشٍ إيّانا وتَظاهُرِهِم عَلَينا ، وما لَقِيَ شيعَتُنا ومُحِبّونا مِنَ النّاسِ ! إنَّ رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله قُبِضَ وَقد أخبَرَ أنّا أولَى النّاسِ بِالنّاسِ ، فَتَمالَأَت عَلَينا قُرَيشٌ حَتّى أخرَجَتِ الأَمرَ عَن مَعدِنِهِ ، واحتَجَّت عَلَى الأَنصارِ بِحَقِّنا وحُجَّتِنا ، ثُمَّ تَداوَلَتها قُرَيشٌ واحِدٍ بَعدَ واحِدٍ ، حَتّى رَجَعَت إلَينا ، فَنَكَثَت بَيعَتَنا ونَصَبَتِ الحَربَ لَنا ، ولَم يَزَل صاحِبُ الأَمرِ في صَعودٍ كَؤودٍ [1] حَتّى قُتِلَ . فبويِعَ الحَسَنُ ابنُهُ ، وعوهِدَ ، ثُمَّ غُدِرَ بِهِ ، واُسلِمَ ، ووَثَبَ عَلَيهِ أهلُ العِراقِ حَتّى طُعِنَ بِخَنجَرٍ في جَنبِهِ ، ونُهِبَت عَسكَرُهُ ، وعولِجَت [2] خَلاليلُ اُمَّهاتِ أولادِهِ ، فَوادَعَ مُعاوِيَةَ ، وحَقَنَ دَمَهُ ودِماءَ أهلِ بَيتِهِ وهُم قَليلٌ حَقَّ قَليلٍ . ثُمَّ بايَعَ الحُسَينَ عليه السلام مِن أهلِ العِراقِ عِشرونَ ألفاً ، ثُمَّ غَدَروا بِهِ ، وخَرَجوا عَلَيهِ وبَيعَتُهُ في أعناقِهِم ، وقَتَلوهُ ، ثُمَّ لَم نَزَل ـ أهلَ البَيتِ ـ نُستَذَلُّ ونُستَضامُ ونُقصى ونُمتَهَنُ ونُحرَمُ ونُقتَلُ ونُخافُ ولا نَأمَنُ عَلى دِمائِنا ودِماءِ أولِيائِنا . ووَجَدَ الكاذِبونَ الجاحِدونَ ؛ ـ لِكذِبِهِم وجُحودِهِم ـ مَوضِعاً يَتَقَرَّبونَ بِهِ إلى أولِيائِهِم وقُضاةِ السَّوءِ وعُمّالِ السَّوءِ في كُلِّ بَلدَةٍ ، فَحَدَّثوهُمِ بِالأَحاديثِ المَوضوعَةِ المَكذوبَةِ ، ورَوَوا عَنّا ما لَم نَقُلهُ وما لَم نَفعَلهُ ؛ لِيُبَغِّضونا إلَى النّاسِ . وكانَ عِظَمُ ذلِكَ وكِبَرُهُ زَمَنَ مُعاوِيَةَ بَعدَ مَوتِ الحَسَنِ عليه السلام ؛ فَقُتِلَت شيعَتُنا بِكُلِّ بَلدَةٍ ، وقُطِعَتِ الأَيدي وَالأَرجُلِ عَلَى الظِّنَّةِ ، وكانَ مَن يُذكَرُ بِحُبِّنا وَالاِنقِطاعِ إلَينا سُجِنَ ، أو نُهِبَ مالُهُ ، أو هُدِمَت دارُهُ ، ثُمَّ لَم يَزَل البَلاءُ يَشتَدُّ ويَزدادُ إلى زَمانِ عُبَيدِ اللّه ِ بن زِيادٍ قَاتِلِ الحُسَينِ عليه السلام . ثُمَّ جَاءَ الحَجّاجُ فَقَتَلَهُم كُلَّ قِتلَةٍ ، وأخَذَهُم بِكُلِّ ظِنّةٍ وتُهمَةٍ ، حَتّى إنَّ الرَّجُلَ لَيُقالُ لَهُ : «زِنديقٌ» أو «كافِرٌ» أحَبُّ إلَيهِ مِن أن يُقالَ : «شيعَةُ عَلِيٍّ» ، وحَتّى صارَ الرَّجُلُ الَّذي يُذكَرُ بِالخَيرِ ـ ولَعَلَّهُ يَكونُ وَرِعاً صَدوقاً ـ يُحَدِّثُ بِأَحاديثَ عَظيمَةٍ عَجيبَةٍ مِن تَفضيلِ بَعضِ مَن قَد سَلَفَ مِنَ الوُلاةِ ولَم يَخلُقِ اللّه ُ تَعالى شَيئا مِنها ، ولا كانَت ، ولا وقَعَت ، وهُوَ يَحسَبُ أنَّها حَقٌّ ؛ لِكَثرَةِ مَن قَد رَواها مِمَّن لَم يُعرَف بِكَذِبٍ ولا بِقِلَّةٍ وَرَعٍ . ورَوى أبُو الحَسَن عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أبي سَيفٍ المَدائِنِيُّ في كِتابِ الأَحداثِ قالَ : كَتَبَ مُعاوِيَةُ نُسخَةً واحِدَةً إلى عُمّالِهِ بَعدَ عامِ الجَماعَةِ : أن بَرِئَتِ الذِّمّةُ مِمَّن رَوى شَيئا مِن فَضلِ أبي تُرابٍ وأهلِ بَيتِهِ . فَقامَتِ الخُطَباءُ في كُلِّ كورَةٍ وعَلى كُلِّ مِنبَرٍ يَلعَنونَ عَلِيّا ، ويَبرَؤونَ مِنهُ ، ويَقَعونَ فيهِ وفي أهلِ بَيتِهِ . وكانَ أشَدَّ النّاسِ بَلاء حينَئِذٍ أهلُ الكوفَةِ ؛ لِكَثرَةِ مِن بِها مِن شيعَةِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَاستَعمَلَ عَلَيهِم زِيادَ بنَ سُمَيَّةَ ، وضَمَّ إلَيهِ البَصرَةَ ، فَكانَ يَتَتَبَّعُ الشّيعَةَ ـ وهُوَ بِهِم عارِفٌ ؛ لِأَ نَّهُ كانَ مِنهُم أيّامَ عَلِيٍّ عليه السلام ـ فَقَتَلَهُم تَحتَ كُلِّ حَجَرٍ ومَدَرٍ ، وأخافَهُم ، وقَطَعَ الأَيدِيَ وَالأَرجُلَ ، وسَمَلَ [3] العُيونَ ، وصَلَبَهُم عَلى جذوع النّخلِ ، وطَرَدَهُم ، وَشَرَّدَهُم عَنِ العِراقِ ، فَلَم يِبَقَ بِها مَعروفٌ مِنهُم . وكَتَبَ مُعاوِيَةُ إلى عُمّالِهِ في جَميعِ الآفاقِ ألّا يُجيزوا لأَِحَدٍ مِن شيعَةِ عَلِيٍّ وأهلِ بَيتِهِ شَهادَةً ، وكتب إلَيهِم : أنِ انظُروا مَن قِبَلَكُم مِن شيعَةِ عُثمانَ ومُحِبّيهِ وأهلِ وَلايَتِهِ وَالَّذين يَروونَ فَضائِلَهُ ومَناقِبَهُ فَأَدنوا مَجالِسَهُم ، وقَرِّبوهُم ، وَأكرموهُم ، وَاكتُبوا لي بِكُلِّ ما يَروي كُلُّ رَجُلٍ مِنهُم ، وَاسمَهُ ، وَاسمَ أبيهِ وعَشيرَتِهِ . فَفَعلوا ذلِكَ ، حَتّى أكثَروا في فَضائِلِ عُثمانَ ، ومَناقِبِهِ ؛ لِما كانَ يَبعَثُهُ إلَيهِم مُعاوِيَةُ مِنَ الصِّلاتِ وَالكِساءِ وَالحِباءِ وَالقَطائِعِ ، ويُفيضُهُ فِي العَرَبِ مِنهُم وَالمَوالي ، فَكَثُرَ ذلِكَ في كُلِّ مِصرٍ ، وتَنافَسوا فِي المَنازِلِ وَالدُّنيا ، فَلَيسَ يَجيءُ أحَدٌ مَردودٌ مِنَ النّاسِ عامِلاً مِن عُمّالِ مُعاوِيَةَ فَيَروي في عُثمانَ فَضيلَةً أو مَنقَبَةً إلّا كَتَبَ اسمَهُ ، وقَرَّبَهُ ، وشَفّعَهُ . فَلَبِثوا بِذلِكَ حيناً . ثُمَّ كَتَبَ إلى عُمّالِهِ : إنَّ الحَديثَ في عُثمانَ قَد كَثُرَ وفَشا في كُلِّ مِصرٍ ، وفي كُلِّ وَجهٍ وناحِيَةٍ ، فَإِذا جاءَكُم كِتابي هذَا فَادعُوا النّاسَ إلَى الرِّوايَةِ في فَضائِلِ الصَّحابَةِ وَالخُلَفاءِ الأَوَّلينَ ، ولا تَتُركوا خَبَراً يَرويهِ أحَدٌ مِنَ الُمسلِمين في أبي تُرابٍ إلّا وتَأتوني بِمُناقِضٍ لَهُ فِي الصَّحابَةِ ؛ فَإِنَّ هذَا أحَبُّ إلَيَّ ، وأقَرُّ لِعَيني ، وأدحَضُ لِحُجَّة أبي تُرابٍ وشيعَتِهِ ، وأشَدُّ عَلَيهِم مِن مَناقِبِ عُثمانَ وفَضلِهِ . فَقُرِئَت كُتُبُهُ عَلَى النّاسِ ، فَرُوِيَت أخبارٌ كَثيرَةٌ ـ في مَناقِبِ الصَّحابَةِ ـ مُفتَعَلَةٌ لا حَقيقَةَ لَها ، وجدّ النّاسُ في رِوايَةِ ما يَجري هذَا المَجرى ، حَتّى أشادوا بِذِكرِ ذلِكَ عَلَى المَنابِرِ ، واُلقِي إلى مُعَلِّمي الكَتاتيبِ فَعَلَّموا صِبيانَهُم وغِلمانَهُم مِن ذلِكَ الكَثيرَ الواسِعَ ، حَتّى رَوَوهُ وتَعَلّموهُ كَما يَتَعَلَّمونَ القُرآنَ ، وحَتّى عَلَّموهُ بِناتِهِم ونِساءَهُم وخَدَمَهُم وحَشَمَهُم . فَلَبِثوا بِذلِكَ ما شاءَ اللّه ُ . ثُمَّ كَتَبَ إلى عُمّالِهِ نُسخَةً واحِدَةً إلى جَميعِ البُلدانِ : اُنظرُوا مَن قامَت عَلَيهِ البَيِّنَةُ أنَّهُ يُحِبُّ عَلِيّا وأهلَ بَيتِهِ فَامحوهُ مِنَ الدّيوانِ ، وأسقِطوا عَطاءَهُ ورِزقَهُ . وشَفَعَ ذلِكَ بِنُسخَةٍ اُخرى : مَنِ اتّهَمتُموهُ بِمُوالاةِ هؤُلاءِ القَومِ فَنَكِّلوا به ، وَاهدِموا دارَهُ . فَلَم يَكُنِ البَلاءُ أشَدَّ ولا أكثَرَ مِنهُ بِالعِراقِ ، ولا سِيَّما بِالكوفَةِ ، حَتّى إنَّ الرَّجُلَ مِن شيعَةِ عَلِيٍّ عليه السلام لَيَأتيهِ مَن يَثِقُ بِهِ فَيدخُلُ بَيتَهُ فَيُلقي إلَيهِ سِرَّهُ ، ويَخافُ مِن خادِمِهِ ومَملوكِهِ ، ولا يُحَدِّثُهُ حَتّى يأخُذَ عَلَيهِ الأَيمانَ الغَليظَةَ لَيكتُمَنَّ عَلَيهِ . فَظَهَرَ حَديثٌ كَثيرٌ مَوضوعٌ ، وبُهتانٌ مُنتَشِرٌ ، ومَضى عَلى ذلِكَ الفُقَهاءُ والقُضاةُ وَالوُلاةُ . وكانَ أعظَمَ النّاسِ في ذلِكَ بَلِيَّةً القُرّاءُ المُراؤونَ ، وَالمُستَضعَفونَ الَّذينَ يُظهِرونَ الخُشوعَ وَالنُّسُكَ ، فَيَفتَعِلونَ الأَحاديثَ ؛ لِيَحظَوا بِذلِكَ عِندَ وُلاتِهِم ، ويُقَرِّبوا مَجالِسَهُم ، ويُصيبوا بِهِ الأَموالَ وَالضِّياعَ وَالمَنازِلَ . حَتّى انتَقَلَت تِلكَ الأَخبارُ وَالأَحاديثُ إلى أيدِي الدَّيّانينَ الَّذين لا يَستَحِلّونَ الكَذِبَ والبُهتانَ ، فَقَبِلوها ، ورَوَوها وهُم يَظُنّونَ أنَّها حَقٌّ ، ولَو عَلِموا أنَّها باطِلَةٌ لَما رَوَوها ، ولا تَدَيَّنوا بِها . فَلَم يَزَلِ الأَمرُ كَذلِكَ حَتّى ماتَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَازدادَ البَلاءُ وَالفِتنَةُ ، فَلَم يَبقَ أحَدٌ مِن هذَا القَبيلِ إلّا وهُوَ خائِفٌ عَلى دَمِهِ ، أو طَريدٌ فِي الأَرضِ . ثُمَّ تَفاقَمَ الأمَرُ بَعدَ قَتلِ الحُسَينِ عليه السلام ، ووَلِيَ عَبدُ المَلِكِ بنُ مَروانَ فَاشتَدَّ عَلَى الشّيعَةِ ، ووَلّى عَلَيهِمُ الحَجّاجَ بنَ يوسُفَ ، فَتَقَرَّبَ إليَهِ أهلُ النُّسُكِ وَالصَّلاحِ وَالدّينِ بِبُغضِ عَليٍّ ومُوالاةِ أعدائِهِ ، ومُوالاةِ مَن يَدّعي مِنَ النّاسِ أنَّهُم أيضاً أعداؤُهُ ، فَأَكثَروا فِي الرِّوايَةِ في فَضلِهِم وسَوابِقِهِم ومَناقِبِهِم ، وأكثَروا مِنَ الغَضِّ [4] مِن عَلِيٍّ عليه السلام ، وعَيبِهِ ، وَالطَّعنِ فيه ، وَالشَّنَآنِ لَهُ ، حَتّى إنَّ إنساناً وقَفَ لِلحَجّاجِ ـ ويُقالُ : إنَّهُ جَدُّ الأَصمَعِيِّ عَبد المَلِكِ بنِ قَريبٍ ـ فَصاحَ بِهِ : أيُّهَا الأَميرُ إنَّ أهلي عَقّوني فَسَمَّوني عَلِيّا ، وإنّي فَقيرٌ بائس ، وأنَا إلى صِلَةِ الأَميرِ مُحتاجٌ . فَتَضاحَكَ لَهُ الحَجّاجُ ، وقالَ : لِلُطفِ ما تَوَسَّلتَ بِهِ قَد وَلَّيتُكَ مَوضِعَ كَذا . وقَد رَوَى ابنُ عَرَفَةَ ـ المَعروفُ بِنِفطَوَيهِ ، وهُوَ مِن أكابِرِ المُحَدِّثِينَ وأعلامِهِم ـ في تاريخِهِ ما يُناسِبُ هذَا الخَبَرَ ، وقالَ : إنَّ أكثَرَ الأحاديثِ المَوضوعَةِ في فَضائِلِ الصَّحابَةِ افتُعِلَت في أيّامِ بَني اُمَيَّةَ ؛ تَقَرُّباً إلَيهِم بِما يَظُنّونَ أنَّهُم يُرغِمونَ بِهِ اُنوفَ بَني هاشِمٍ . [5]


[1] الصَّعُودُ : العَقَبَةُ الكَؤود ، والمشَقَّةُ من الأمر (المصباح المنير : ص 340 «صعد») . عَقَبة كَؤود : شاقّة المصعد ، صعبة المرتقى (لسان العرب : ج 3 ص 374 «كأد») .

[2] المعالَجة : المزاولة والممارسة ، وعالجتُ بني إسرائيل : أي مارستُهم فلقيتُ منهم شدّة (مجمع البحرين : ج 2 ص 1254 «علج») .

[3] سملُ العين : فقؤها ؛ يقال : سُملت عينُه ؛ إذا فُقئت بحديدة محماة (لسان العرب : ج 11 ص 347 «سمل») .

[4] غَضَّ : وَضَع ونقصَ (لسان العرب : ج 7 ص 197 «غضض») .

[5] شرح نهج البلاغة : ج 11 ص 43 ؛ بحار الأنوار : ج 44 ص 68 وفيه إلى «بقلّة ورع» .

نام کتاب : دانش نامه اميرالمؤمنين (ع) بر پايه قرآن، حديث و تاريخ نویسنده : محمدی ری‌شهری، محمد    جلد : 12  صفحه : 508
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست