لما كثر المسلمون وظهر الإيمان ، ثار
ناس كثيرون من كفار قريش على من آمن من قبائلهم ، فعذبوهم وسجنوهم وأرادوا فتنتهم
عن دينهم ، فقال لهم رسول الله (ص) تفرقوا في الأرض.
قالوا : أين نذهب يا رسول الله ؟
قال : ها هنا وأشار إلى أرض الحبشة ،
وكانت أحب الارض إليه. فهاجر ناس ذوو عدد من المسلمين ، منهم من هاجر بأهله ومنهم
من هاجر بنفسه. فخرجوا متسللين سراً وكانوا أحد عشر رجلاً وأربع نسوة ، حتى انتهوا
الى الشعيبة ، منهم الراكب والماشي.
ووفق الله للمسلمين ساعة جاؤوا سفينتين
للتجار ، حملوهم الى ارض الحبشة بنصف دينار. وكان مخرجهم في رجب من السنة الخامسة
للنبوة.
وخرجت قريش في آثارهم ، حتى جاؤوا البحر
حيث ركب المسلمون فلم يدركوا منهم أحداً [١].
ويقول ابن الأثير في تاريخه : « وكان
عليهم عثمان بن مظعون فهو رئيس المهاجرين في الهجرة الاولى ، ليشرف على شؤونهم
ويراقب أعمالهم ، كي لا تتفرق كلمتهم ، ومن هنا نعلم أن المسلمين يجب أن لا يخرجوا
عن النظام الإسلامي الذي
[١] طبقات ابن سعد
الكبرى ـ مجلد ـ ١ ـ ٢ ـ صفحة ١٣٦.