نام کتاب : سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 223
إنه وان كان الفرق بين « مريم » و «
حليمة » شاسعاً وكبيراً من حيث الملكات الفاضلة والمكانة ، والمنزلة ، إلاّ أن
منزلة « مريم » عليهاالسلام
لو استوجبت مثل هذا اللطف الالهي ، ففي المقام استوجب نفسُ مقام الوليد العظيم ،
ومكانته عند اللّه تعالى أن تشمله العناية الالهية.
كما انه قد جاء في القرآن الكريم حول
مريم عليهاالسلام
امور اُخرى مشابهة.
ان عصمة هذه المرأة الطاهرة ، وتقاها
وطهرها البالغ كانت بحيث أن « زكريا » كلّما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقاً ،
فاذا سألها : مِن أينَ لكِ هذا قالت : هو مِنْ عِند اللّه؟ [١].
وَعلى هذا الأساس يجب أن لا نتردَّد ولا
نسمح لانفسنا بأن نشك في مثل هذه الكرامات ، أو نستبعدها.
خَمسَةُ أعوام في الصَحْراء :
أمضى وليدُ « عبد المطلب » في قبيلة «
بني سعد » مدة خمسة أعوام ، بلغ فيها أشده.
وخلالَ هذه المدة اخذته « حليمة » إلى
اُمّه مرتين أو ثلاث ، وقد سلّمته إلى اُمه في آخر مرة.
وكانت المرّة الاُولى من تلك المرات عند
فطامه ، ولهذا السبب اتت به صلىاللهعليهوآلهوسلم
« حليمة » إلى مكة ولكنها عادت به إلى الصحراء باصرار منها ، وكان السبب وراء هذا
الاصرار على اصطحابه معها إلى البادية هو أن هذا الوليد قد اصبح مبعث خير ورخاء ،
وبركة في منطقتها ، وقد دفع شيوعُ مرض الوباء في « مكة » إلى أن تقبل امُّه
الكريمة بهذا الطلب [٢].
وأما المرةُ الثانيةُ من تلك المرات
فكانت عندما قدم جماعة من نصارى
١ ـ « ... وَكَفَّلها زكريّا كُلَّما دَخلَ
عَلَيْها زكَريّا المِحْرابَ وَجدَ عِنْدها رزْقاً قال يا مَريَمُ أنّى لَكِ هذا
قالَتْ هُو مِنْ عِنْد اللّه » ( آل
عمران : ٣٧ ).
٢ ـ بحار الأنوار :
ج ١٥ ، ص ٤٠١.
نام کتاب : سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 223