٢ ـ وتقول « حليمة » أيضاً : إن البوادي
أجدبت وحملنا الجُهد على دخول البلد ، فدخلتُ مكة مع نساء بني سعد فأخذتُ رسول
اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم
فعرفنا به البركة والزيادة في معاشنا ورياشنا حتّى أثرينا ، وكثرت مواشينا ،
وأموالنا [٢].
إنَّ مَن المسلم أنَّ حكم الماديين ،
أومن يحذو حذوهم ويتبع منهجهم في هذه المسائل يختلف عن حكم المؤمنين باللّه.
فان أتباع المنهج المادي إذ عجزوا عن
تفسير هذا النوع من القضايا من زاوية العلوم الطبيعية ، نجدهم يبادرون إلى اعتبار
هذه الحوادث من نسج الخيال ، ومن ولائد الاوهام ، واما إذا كانوا اكثر تأدباً
لقالوا : إن رسول الإسلام ليس بحاجة إلى امثال هذه المعاجز :
ونحن نقول : لا نقاش في أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم غني عن هذه
المعاجز إلاّ أن عدم الحاجة شيء ، والحكم بصحة هذه الاُمور أو بطلانها شيء آخر.
وأما المؤمن باللّه الّذي يردُّ النظام
الطبيعي ، إلى مشيئة اللّه خالق الكون وارادته العليا ، ويعتقد بأن كل الحركات
والظواهر في العالم الطبيعي من اصغر اجزائه ( الذرة ) إلى اكبر موجوداته ( المجرة
) يجري تحت تدبيره ، ونظارته ، فانه بعد التحقق من مصادر هذه الحوادث والتأكد من
وقوعها ينظر إليها بنظر الاحترام ، وأمّا إذا لم يطمئن إليها لم يرفضها رفضاً
قاطعاً.
ولقد ورد في القرآن الكريم نظائر عديدة
لهذه القصة حول « مريم » اُم عيسى فالقرآن يخبرنا عن تساقط الرطب الجَنيّ من جذع
النخلة اليابسة كرامة لوالدة المسيح عندما لجأت إليه مريم عند المخاض إذ يقول : «... ألاّ تَحزَني قَدْ
جَعلَ رَبُّكِ تَحتك سَريّاً. وَهُزِّي إليْكِ بِجذْع النَخلةِ تُساقِط عَليْك
رُطباً جَنِيّاً » [٣].
١ ـ بحار الأنوار :
ج ١٥ ، ص ٣٤٥ و ٣٤٦.
٢ ـ المناقب لابن
شهراشوب : ج ١ ، ص ٢٤.
٣ ـ مريم : ٢٤ و ٢٥.
نام کتاب : سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 222