ولم تذكر
المصادر شيئا عن رجالات المدينة المعروفين ، إلاّ أن صوحان بن صعصعة بن صوحان قام
فاعتذر إليه ، فترحّم الإمام على أبيه!
والظاهر أنّ
رجال المدينة اكتفوا في مواجهة الإمام السجّاد عليهالسلام
بالعواطف الحارّة فقط ، وأنهم لم يتجاوزا ذلك ، إذ لم يجدوا مبرّرا في التورّط مع
الحكومة ، ولو بعد قتل الحسين عليهالسلام
بهذه الصورة التي شرحها لهم الإمام السجاد عليهالسلام.
ويظهر من البيان الذي أصدره أهل المدينة
عند تحرّكهم ضدّ يزيد وحكومته أنهم قبل ذلك لم يعرفوا من يزيد ما ينكر من فعل أو
ترك ، حتى وفدوا عليه ، وحضروا بلاطه ، ورأوا بأمّ أعينهم ما رأوا ، فرجعوا ،
وثاروا عليه.
وقد جاء في إعلانهم الأول ما نصّه : «
إنّا قدمنا من عند رجل ليس له دين ، يشرب الخمر ، ويدع الصلاة ، ويعزف بالطنابير ،
وتضرب عنده القيان ، ويلعب بالكلاب ، ويسامر الخرّاب ، والفتيان ، وإنّا نشهدكم
أنا قد خلعناه ».
وأتوا عبدالله بن الغسيل ، فبايعوه
وولّوه عليهم [٢].
فليس في بيانهم ذكر الحسين عليهالسلام ، ولا الظلم الذي جرى على أهل البيت عليهمالسلام وأما الذي ذكروه من يزيد وإلحاده وفسقه
وفجوره ، فقد أعلنه الإمام الحسين عليهالسلام
قبل سنين في كتابه الى معاوية [٣].
فأين كان أهل المدينة يومذاك؟!
ولماذا لم يتحرّكوا من أجله حينذاك؟
ثم إن من يحرّكه شرب الخمر ، والفسق ،
والفجور ، لماذا لا يتحرّك من أجل قتل الحسين عليهالسلام
والفجائع التي صبّت على أهل البيت عليهمالسلام
، والتي أدّى علي بن الحسين عليهمالسلام
حق بلاغها في خطبته تلك؟
[١] اللهوف لابن
طاوس ( ص ٤ ـ ٨٥ ) وانظر كامل الزيارات ( ص ١٠٠ ).
[٢] أيام العرب في
الإسلام ( ص ٤٢٠ ) وانظر تاريخ الطبري ( ٤ : ٣٦٨ ) ولاحظ طبقات ابن سعد ( ٥ : ٤٧
).