إن إظهار
التعاطف معه ، ولو بأدنى شكل ، كانت الدولة تستغله لضرب الإمام عليهالسلام وتشويه سمعته عند العامة العمياء.
فلا نستبعد أن يكون الإمام عليهالسلام قد أصدر ضدّ ما يعرفه الناس عن المختار
، ما يبرّىء ساحة الإمام عليهالسلام
من الموافقة عليه ، أو السكوت عنه ، ففي الخبر : قام الإمام عليهالسلام على باب الكعبة! يلعن المختار!
فقال له رجل : يا أبا الحسين ، لم تسبّه؟
وإنّما ذُبح فيكم؟!
قال الإمام عليهالسلام: إنّه كان كذّابا ، يكذب على الله ورسوله[١].
فلو صح هذا الخبر ، فإن وقوف الإمام عليهالسلام على باب الكعبة ، وإعلانه بهذا الشكل
عن ذمّ المختار ولعنه ، لا يخلو من قصد ـ أكثر من مجرّد اللعن ـ حيث أنّ في ذلك
دلالة واضحة على إرادة مجرّد الإعلان بذلك وتبيينه للناس.
وفي قول
المعترض : « ذُبح فيكم » الهدف السياسيّ تلطيخ سمعة أهل البيت عليهمالسلام وتوريطهم بما لطّخوا به سمعة المختار.
إذ لا يصدر
مثل هذا الاعتراض ، وهذا الإعلان ، عن شخص غير مغرض في مثل ذلك الموقف.
ثم إن ما ورد من أمثال هذه الأحاديث ،
المشتملة على ذمّ المختار من قبل أهل البيت عليهمالسلام
ورواتهم ، إنما رواها رجال الدولة وكتّابهم ومؤرّخو البلاط ، مما يدّل على أن
المستفيد الوحيد من ترويجها هم أولئك الذين يرتزقون من الارتباط بالدولة.
هذا لو صحّت تلك الأحاديث والنقول.
وإلاّ ، فهل
يشك أحد من دارسي التاريخ في أن المختار تحرّك بشعار الأخذ بثارات الحسين عليهالسلام وقد وصفه زوجتاه ـ بعد قتله ـ بأنه «
رجل يقول ربّي الله ، كان صائم نهاره ، قائم ليله ، قد بذل دمه لله ولرسوله في طلب
قتلة ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
وأهله وشيعته ، فأمكنه الله منهم حتى شفى النفوس » [٢].