فأمّا قبر الحسين عليه
السلام فإنّه لم يزل مشهورا معلما يقصده الخلائق من الآفاق، و كبار الصحابة قصدوا
زيارته و الاستشفاء بتربته لما سمعوا في فضله من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
و أمير المؤمنين عليه السلام و آلهما، كجابر بن عبد اللّه، و غيره، و لقد جهدت بنو
اميّة على إخفائه، و صدّ الناس عنه، و أقاموا مسالح على الطرقات يقتلوا كلّ من
ظفروا به من زوّاره عليه السلام، كما رواه الشيخ جعفر بن قولويه، و الشيخ الطوسي
رضي اللّه عنه، و سأذكر فيما بعد منه نبذة، و ظهر من الكرامات له ما لا مزيد عليه
من شفاء المرضى، و الاستشفاء بتربته، و إجابة الدعاء لديه صلوات اللّه عليه.
[جور الخلفاء على قبر
الحسين عليه السلام]
و لم يتيسّر لبني اميّة
ما أرادوا و كان قد بني عليه مسجد، و لم يزل كذلك بعد بني اميّة، و في زمن بني
العبّاس، إلّا على زمن الرشيد لعنه اللّه فإنّه خرّبه و قطع السدرة الّتي كانت
نابتة عنده، و كرب موضع القبر، ثمّ اعيد على زمن المأمون و غيره إلى أن حكم اللعين
المتوكّل من بني العبّاس، و كان سيّئ الاعتقاد في آل أبي طالب، شديد الوطأة عليهم،
قبيح المعاملة معهم، و وافقه على ذلك وزيره عبد اللّه بن يحيى لعنه اللّه، فبلغ من
سوء معاملتهم ما لم يبلغه أحد ممّن تقدّم من بني اميّة و بني العبّاس، فأمر بتخريب
قبر الحسين عليه السلام و قبور أصحابه، و كرب مواضعها، و أجرى الماء عليها، و منع
الزوّار عن زيارتها، و أقام الرصد، و شدّد في ذلك حتّى كان يقتل من يوجد زائرا، و
ولّى