ثمّ دعا عمر بن سعد برجل
من أصحابه يقال له عروة بن قيس، فقال له: امض إلى الحسين فاسأله ما الّذي جاء به
إلى هذا الموضع؟ و ما الّذي أخرجه من مكّة؟
فقال عروة: أيّها
الأمير، إنّي كنت قبل اليوم اكاتب الحسين و يكاتبني، و أنا أستحي أن أصير إليه،
فإن رأيت أن تبعث غيري، فبعث ابن سعد برجل يقال له كثير بن عبد اللّه الشعبي[2]، و كان
ملعونا ناصبيّا شديد العداوة لأهل البيت عليهم السلام فسلّ سيفه، فلمّا رأى أبو
ثمامة الصائدي[3] قال للحسين:
يا ابن رسول اللّه، قد جاءك شرّ الناس و أجرأهم على سفك الدماء.
قال: فقام الحسين و قال
له: ضع سيفك حتى نكلّمك فقال: لا و لا كرامة، إنّما أنا رسول فإن سمعت منّي بلّغت
ما ارسلت به، و إن أبيت انصرفت.
فقال له أبو ثمامة:
تكلّم بما تريد و لا تدن من الحسين فإنّك رجل فاسق، فغضب و رجع إلى ابن سعد، و
قال: إنّهم لم يتركوني أن أدنو من الحسين فابلّغه رسالتك فابعث غيري، فأرسل إليه
برجل يقال له قرّة بن قيس الحنظلي، فلمّا أشرف على عسكر الحسين قال الحسين
لأصحابه: هل تعرفون الرجل؟
فقال حبيب بن مظاهر:
نعم، يا ابن رسول اللّه، هذا رجل من بني تميم ثمّ من بني حنظلة، و قد[4] كنت أعرفه
حسن الرأي، و ما ظننت أنّه يشهد هذا المشهد، ثمّ تقدّم الحنظلي حتى وقف بين يدي
الحسين عليه السلام و أبلغه