فقيل: أيّها الأمير،
الحذر الحذر، فهذا مسلم بن عقيل قد أقبل في جميع من[1] بايعه، فنزل عن المنبر مسرعا و بادر
حتى دخل القصر و أغلق عليه الأبواب، فأقبل مسلم بن عقيل و معه ثمانية عشر ألفا أو
يزيدون، و بين يديه الأعلام و السلاح و هم مع ذلك يلعنون ابن زياد و يزيد و زياد،
و كان شعارهم:
«يا منصور أمت».
و كان مسلم قد عقد لعبد
اللّه الكندي على كندة و قدّمه أمام الخيل، و عقد لمسلم بن عوسجة على مذحج [و أسد][2]، و عقد لأبي
تمامة بن عمر الصائدي على تميم و همدان، و عقد لعبّاس بن جعدة الجدلي على أهل
المدينة، و أقبل مسلم يسير حتى أحاط بالقصر و ليس في القصر إلّا نحوا من ثلاثين
رجلا من الشرط، و مقدار عشرين من الأشراف، و ركب أصحاب ابن زياد و اختلط القوم و
اقتتلوا قتالا شديدا، و ابن زياد في جماعة من الأشراف قد وقفوا على جدار القصر
ينظرون إلى محاربة الناس.
قال: و جعل رجل من أصحاب
ابن زياد يقال له كثير بن شهاب و محمد ابن الأشعث و القعقاع بن شور[3] و شبث بن
ربعي ينادون بأعلى أصواتهم من فوق القصر: ألا يا شيعة الحسين، اللّه اللّه في
أنفسكم و أهاليكم و أولادكم، فإنّ جنود الشام قد أقبلت، و إنّ الأمير عبيد اللّه
قد عاهد اللّه لئن أقمتم على حربكم و لم تنصرفوا من يومكم ليحرمنّكم العطاء، و
ليفرّقنّ مقاتليكم في مغازي أهل الشام، و ليأخذنّ البريء بالسقيم، و الشاهد
بالغائب حتى لا يبقي منكم بقيّة من