السلام، و القوم يبكون شوقا منهم إلى مقدم الحسين عليه
السلام، ثم تقدّم إلى مسلم رجل من همذان يقال له عابس الشاكري، فقال:
أمّا بعد، فإنّي لا
اخبرك عن الناس بشيء، فإنّي لا أعلم ما في أنفسهم، و لكنّي اخبرك عمّا أنا موطّن
عليه نفسي، و اللّه لأجيبنّكم إذا دعوتم، و لاقاتلنّ معكم عدوّكم، و لأضربنّ
بسيفي دونكم حتى ألقى اللّه، لا اريد بذلك إلّا ما عنده.
ثمّ قام حبيب بن مظاهر
الأسدي الفقعسي، فقال: أنا و اللّه الّذي لا إله إلّا هو على مثل ما أنت عليه.
قال: و تتابعت الشيعة
على كلام هذين الرجلين، ثمّ بذلوا لمسلم الأموال، فلم يقبل منها[1] شيئا.
[خطبة النعمان بن بشير
في الناس بعد سماعه بقدوم مسلم]
قال: و بلغ النعمان بن
بشير قدوم مسلم و اجتماع الشيعة إليه و هو يومئذ أمير الكوفة، فخرج من قصر الامارة
مغضبا حتى دخل المسجد الأعظم، فنادى في الناس و صعد المنبر، فحمد اللّه و أثنى
عليه، ثمّ قال:
أمّا بعد، يا أهل
الكوفة، اتّقوا اللّه ربّكم و لا تسارعوا إلى الفتنة و الفرقة، فإنّ فيها سفك
الدماء، و قتل الرجال، و ذهاب الأموال، و اعلموا أنّي لست اقاتل إلّا من قاتلني، و
لا أثب إلّا من وثب عليّ، و لا انبّه نائمكم، فإن أنتم انتهيتم عن ذلك و رجعتم و
إلّا فو اللّه الّذي لا إله إلّا هو لأضربنّكم بسيفي ما بقي قائمه في يدي[2]، و لو لم
يكن منكم ناصر، إنّي أرجو أن يكون من يعرف الحقّ منكم أكثر ممّن يريد الباطل.