الفاعل قدرته بأحد الطرفين
، إذ الاشتراك في النتيجة لا يوجب أن يقوم العلم مقام الإرادة ويكون كافياً
لتوصيفه بذلك الكمال أي الإرادة.
ب ـ إرادته سبحانه ابتهاجه بفعله
إنّ إرادته سبحانه ابتهاج ذاته المقدّسة
بفعلها ورضاها به ، وذلك لأنّه لمّا كانت ذاته سبحانه صرف الخير وتمامه ، فهو
مبتهج بذاته أتمّ الابتهاج ، وينبعث من الابتهاج الذاتي ابتهاج في مرحلة الفعل ،
فإنّ من أحبّ شيئاً أحبّ آثاره ولوازمه ، وهذه المحبّة الفعلية هي الإرادة في
مرحلة الفعل ، وهي التي وردت في الأخبار التي جعلت الإرادة من صفات فعله ،
فللإرادة مرحلتان : إرادة في مقام الذات ، وإرادة في مقام الفعل ، فابتهاجه الذتي
إرادة ذاتيّه ، ورضاه بفعله إرادة في مقام الفعل.
يلاحظ عليه : إنّ هذه النظرية كسابقتها
لا ترجع إلى محصّل ، فإنّ حقيقة الإرادة غير حقيقة الرضا وغير حقيقة الابتهاج ، وتفسير
أحدهما بالآخر إنكار لهذا الكمال في ذاته سبحانه ، وقد مرّ أنّ كون الفاعل مريداً ـ
في مقابل كونه فاعلاً مضطراً موجباً ـ ، أفضل وأكمل فلا يمكن نفي هذا الكمال عن
ذاته على الاطلاق.
ج ـ الإرادة : إعمال القدرة
وربّما تفسر إرادته سبحانه بإعمال
القدرة كما عن بعضهم. قال قائل :
« إنّا لا نتصوّر لإرادته تعالى معنى
غير إعمال القدرة والسلطنة ، ولمّا كانت سلطنته تعالى تامّة من جميع الجهات ، ولا يتصوّر
فيه النقص أبداً فبطبيعة الحال يتحقّق الفعل في الخارج ، ويوجد بصرف إعمال القدرة
من دون توقّفه على أيّة مقدّمة اُخرىٰ كما هو مقتضي قوله سبحانه : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن
يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) ( يس / ٨٢ ) [١].