لا شك إنّ هذه الآيات بصدد حصر العلم
بالغيب والشهادة له ، وهناك سؤال يطرح نفسه بل سؤالان :
١ ـ كيف يصحّ حصر « العلم » بالغيب والشهادة
مع أنّ العلم بالشهادة متاح لكلّ من اُعطي واحداً من أدوات الحسّ.
٢ ـ دلّ قسم من الآيات على أنّ الأنبياء
والأولياء كانوا يعلمون الغيب ويخبرون عنه ، فهذا العلم بالغيب كيف يجتمع مع حصره
في الله سبحانه ؟
والجواب : إنّ ما يجري على الله سبحانه
من صفات ونعوت يختلف عمّا يجري على غيره لا بمعنى انّ للعلم ـ مثلاً ـ معنيين
مختلفين يجري على الواجب بمعنى وعلى الممكن بمعنى آخر فإنّ ذلك باطل بالضرورة ، ومثله
الحياة والقدرة بل المراد اختلاف المحمول عند الجري على الواجب والممكن اختلافاً
في كيفيّة الجري والإتّصاف ، فإنّ العلم منه واجب ، ومنه ممكن ، ومنه ذاتي ، ومنه
اكتسابي ، منه مطلق ومرسل عن القيود ، ومنه مقيّد محدود ، منه ما هو عين الذات بلا
تعدّد بين الوصف والموصوف ، ومنه ما هو زائد على الذات ، ومن المعلوم أنّ
[١] وقد أشبعنا
الكلام في حقيقة الغيب والشهود في الجزء الثالث من هذه الموسوعة لاحظ : الفصل
السادس ص ٣٧٥ ـ ٣٨٢.