فكونه أُسوة حسنة في جميع المجالات لا
يتفق إلاّ مع عصمته المطلقة ، بخلاف من يكون أُسوة في مجال دون مجال ، وعلى ذلك
فهو مصون من الخلاف والعصيان والخطأ والزلل.
وإن شئت قلت : لو صدر عن النبي عصيان
وخلاف فمن جانب يجب علينا طاعته واقتفاؤه واتباعه ، وبما انّ الصادر منه أمر منكر
يحرم الاقتداء به واتباعه وتجب المخالفة ، فعندئذ يلزم الأمر بالمتناقضين ، والقول
بأنّه يجب اتّباعه في خصوص ما ثبت كونه موافقاً للشرع أو لم تعلم مخالفته له ،
خلاف إطلاق الآيات الآمرة بالاتّباع على وجه الإطلاق من غير فرق بين فعل دون فعل ،
ووقت دون وقت.
وهذا المورد من الموارد التي يستكشف
بإطلاق الحكم حال الموضوع وسعته وانّه مطابق للشرع ، وكم له من مورد في الأحكام
الفقهية [١].
الآية الخامسة
إنّ الله سبحانه يحكي عن الشيطان الطريد
بأنّه قال : (فَبِعِزَّتِكَ
لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ
* إِلاَّ
عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ)[٢].
ويقول أيضاً : (وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ
* إِلاَّ
عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ)[٣].
[١] وقد عنونه
الأُصوليون في أبحاث العام والخاص فيستكشفون عن إطلاق الحكم سعة الموضوع كما في
مثل قوله : « لعن الله بني أُمية قاطبة » فيستدل بإطلاقه على سعته وعدم وجود مؤمن
فيهم ، وإلاّ لما صح الحكم بالإطلاق.