والتمجيد ، فإنّ
الحمد والثناء إنّما يصحان في مقابل الفعل الاختياري ، وما هو خارج عن إطار
الاختيار لا يصح أن يحمد صاحبه عليه ، إذ هو وغيره في هذا المجال سواء ، ولو أفيض
ذاك الكمال على فرد آخر لكان مثله ؟
٢. إذا كانت العصمة تعصم الإنسان عن
الوقوع في المعصية ، فالإنسان المعصوم عاجز عن ارتكاب المعاصي واقتراف المآثم ،
وعندئذ لا يستحق لترك العصيان مدحاً ولا ثواباً إذ لا اختيار له ؟
والفرق بين السؤالين واضح ، إذ السؤال
الأوّل يرجع إلى عد نفس إفاضة العصمة مفخرة من مفاخر المعصوم ، لأنّه إذا كانت
موهبة إلهية لما صح عدها كمالاً للمعصوم ، بخلاف السؤال الثاني فإنّه يتوجه إلى
أنّ العصمة تسلب القدرة عن المعصوم على ارتكاب المعاصي ، فلا يعد الترك كمالاً ولا
عاملاً لاستحقاق الثواب.
وهذان السؤالان من أهم الأسئلة في باب
العصمة ، وإليك الإجابة عن كليهما.
العصمة المفاضة كمال
لصاحبها
إنّ العصمة الإلهية لا تفاض للأفراد
إلاّ بعد وجود أرضيات صالحة في نفس المعصوم تقتضي إفاضة تلك الموهبة إلى صاحبها ،
وأمّا ما هي تلك الأرضيات والقابليات التي تقتضي إفاضتها فخارج عن موضوع البحث ،
غير إنّا نقول على وجه الاجمال : إنّ تلك القابليات على قسمين : قسم خارج عن
اختيار الإنسان ، وقسم واقع في إطار إرادته واختياره.
أمّا القسم الأوّل ، فهي القابليات التي
تنتقل إلى النبي من آبائه وأجداده عن طريق الوراثة ، فإنّ الأولاد كما يرثون أموال
الآباء وثرواتهم ، يرثون أوصافهم