ومناراً في حقول
الشرائع والنبوّات أمر يختص به ، فلو كان ملاك الإمامة هو هذا ، يجب أن يكون هو
الإمام وحده دون غيره مع أنّه عليهالسلام
طلبها لذريته فأُجيب بأنّ عهده سبحانه : (لا يَنَالُ
عَهْدِي الظَّالِمِينَ) مشعراً بأنّ غيرهم ينالونه ، فلو كان
ملاك الإمامة كون الإنسان مناراً بين الأنبياء ، وشريعته علماً بين الشرائع لاختصت
الإمامة به ، ولا يناسب في المقام سؤلها للأولاد بما ذكر.
وحصيلة الجواب : انّ ما ذكر من الفضيلة
لبطل التوحيد أمر لا ينكر على ضوء الآيات الّتي ذكرناها ، لكنّها لا تكون ملاكاً
للإمامة بل يجب هناك شيء آخر وراءها يكون ملاكاً حتّى يصحّ طلبها لذريته وتصحّ
الإجابة بنيل العدول منهم لها.
الملاك الرابع :
كونه مفترض الطاعة
هذه النظرية تتلخّص في أنّ الإمام في
الآية هو الحاكم السائد على المجتمع ، والآخذ بيد الأُمّة إلى الكمال في الحياة
الفردية والاجتماعية ، فيجب على الأُمّة امتثال أوامره وتوجيهاته في الحقول
السياسية والاجتماعية والقضائية والعسكرية وغير ذلك ، ولا نقف على مدى صحة هذه
النظرية إلاّ بعد الوقوف على معنى النبي والرسول في القرآن الكريم حتّى نعرف أنّ
الإمام يشتمل على معنى لا يشتمل عليه اللفظان ، وعلى الأصحّ يشتمل منصب الإمامة
على شيء لا يوجد في منصبي النبوة والرسالة فنقول :
النبي ـ سواء أجعل بمعنى المطّلع على
الغيب أو بمعنى المنبئ عن الغيب ـ إنسان مؤدّ عن الله بلا واسطة بشرية [١] ، وهذا الإنسان باعتبار اتصاله بالملأ