الثانية في المنع
والامتناع ، والكل يرجع إلى معنى واحد.
ولأجل ذلك نرى العرب يسمّون الحبل الذي
تشد به الرحال : « العصام » ، لأنّه يمنعها من السقوط والتفرّق.
قال المفيد : إنّ العصمة في أصل اللغة
هي ما اعتصم به الإنسان من الشيء كأنّه امتنع به عن الوقوع في ما يكره ، ومنه
قولهم : اعتصم به الإنسان من الشيء كأنّه امتنع به عن الوقوع في ما يكره. ومنه
قولهم : « اعتصم فلان بالجبل » إذا امتنع به ، ومنه سميت العصم وهي وعول الجبال
لامتناعها بها.
والعصمة من الله هي التوفيق الذي يسلم
به الإنسان في ما يكره إذا أتى بالطاعة ، وذلك مثل إعطائنا رجلاً غريقاً حبلاً
ليتشبث به فيسلم ، فهو إذا أمسكه واعتصم به ، سمّي ذلك الشيء عصمة له ، لما تشبّث
به فسلم به من الغرق ، ولو لم يعتصم به لم يسم عصمة [١].
وعلى كل تقدير فالمراد من العصمة صيانة
الإنسان من الخطأ والعصيان ، بل الصيانة في الفكر والعزم ، فالمعصوم المطلق من لا
يخطأ في حياته ، ولا يعصي الله في عمره ولا يريد العصيان ولا يفكر فيه.
مبدأ ظهور فكرة
العصمة في الأُمّة الإسلامية
إنّ الكتب الكلامية ـ قديمها وحديثها ـ مليئة
بالبحث عن العصمة ، وإنّما الكلام في مبدأ ظهور تلك الفكرة بين المسلمين ، وانّه
من أين نشأ هذا البحث وكيف التفت علماء الكلام إلى هذا الأصل ؟
لا شك انّ علماء اليهود ليسوا بالمبدعين
لهذه الفكرة ، لأنّهم ينسبون إلى