يقول القاضي الباقلاني : قال الجمهور من
أهل الاثبات وأصحاب الحديث : لا ينخلع الإمام بفسقه وظلمه بغصب الأموال وضرب
الأبشار وتناول النفوس المحرّمة وتضييع الحقوق وتعطيل الحدود ولا ينخلع بهذه
الأُمور ، ولا يجب الخروج عليه ، بل يجب وعظه وتخويفه وترك طاعته في شيء ممّا يدعو
إليه من معاصي الله ، واحتجوا لذلك بأخبار كثيرة متضافرة عن النبي والصحابة في
وجوب طاعة الأئمّة وان جاروا واستأثروا بالأموال [١].
وقال التفتازاني : وإذا مات الإمام
وتصدّى للإمامة من يستجمع شرائطها من غير استخلاف ، وقهر الناس بشوكته ، انعقدت
الخلافة له ، وكذا إذا كان فاسقاً اوجائراً على الأظهر إلاّ أنّه يعصي بما فعل ،
وتجب طاعة الإمام ما لم يخالف حكم الشرع سواء كان عادلاً أو جائراً ، ولا ينعزل
الإمام بالفسق [٢].
وعلى هذا الأساس اشتهر بين أهل السنّة :
أنّهم لا يرون الخروج على الأئمّة وقتالهم بالسيف وإن كان منهم ظلم ويتمسّكون في
ذلك بأحاديث منسوبة إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
، وربّما يُعلّلون ذلك بأنّ الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل من
ظلمهم بدون قتال ، فيدفع أعظم الفسادين بالتزام الأدنى ، ولا تكاد تعرف طائفة خرجت
على السلطان ، إلاّ كان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الّذي أزالته [٣].
وعلى هذا الأساس تسلّط أصحاب السلطة من
الأُمويين والعباسيين على