كُلِّ
أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ
يُسْتَعْتَبُونَ)[١]
، وقال تعالى : (وَوُضِعَ
الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ)[٢] ، والشهادة فيها مطلقة ، وظاهر الجميع
هو الشهادة على أعمال الأُمم وعلى تبليغ الرسل كما يومي إليه قوله تعالى : (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ
وَلَنَسْأَلَنَّ المُرْسَلِينَ)[٣] ، وهذه الشهادة وإن كانت في الآخرة
ويوم القيامة لكن يتحملها الشهود في الدنيا على ما يدل عليه قوله سبحانه حكاية عن
عيسى : (وَكُنتُ عَلَيْهِمْ
شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ
عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)[٤] ، وقال سبحانه : (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ
شَهِيدًا)[٥] ، ومن
الواضح أنّ الشهادة فرع العلم ، وعدم الخطأ في تشخيص المشهود به ، فلو كان النبي
من الشهداء يجب ألاّ يكون خاطئاً في شهادته ، فالآية تدلّ على صيانته وعصمته من
الخطأ في مجال الشهادة كما تدلّ على سعة علمه ، لأنّ الحواس لا ترشدنا إلاّ إلى
صور الأعمال والأفعال ، والشهادة عليها غير كافية عند القضاء ، وإنّما تكون مفيدة
إذا شهد على حقائقها من الكفر والإيمان ، والرياء والإخلاص ، وبالجملة على كل خفي
عن الحس ومستبطن عند الإنسان ، أعني ما تكسبه القلوب وعليه يدور حساب رب العالمين
، قال تعالى : (وَلَٰكِن
يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ)[٦] ، ولا شك أنّ الشهادة على حقائق أعمال
الأُمّة خارج عن وسع الإنسان العادي إلاّ إذا تمسّك