وقد نقل المفسرون حول نزول الآيات وما
بينهما من الآيات روايات رووها بطرق مختلفة نذكر ما ذكره ابن جرير الطبري عن ابن
زيد قال : كان رجل سرق درعاً من حديد في زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
وطرحه على يهودي ، فقال اليهودي : والله ما سرقتها يا أبا القاسم ، ولكن طرحت عليّ
وكان للرجل الذي سرق جيران يبرؤونه ويطرحونه على اليهودي ، ويقولون : يا رسولَ
الله إنّ هذا اليهودي الخبيث يكفر بالله وبما جئت به ، قال : حتى مال عليه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ببعض القول فعاتبه الله عزّ وجلّ في
ذلك فقال : (إِنَّا أَنزَلْنَا
إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ
وَلا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا)[٢].
أقول
: سواء أصحت هذه الرواية أم لا ، فمجموع
ما ورد حول الآيات من أسباب النزول متفق على أنّ الآيات نزلت حول شكوى رفعت إلى
النبي ، وكان كل من المتخاصمين يسعى ليبرئ نفسه ويتهم الآخر ، وكان في جانب واحد
منهما رجل طليق اللسان يريد أن يخدع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
ببعض تسويلاته ويثير عواطفه على المتهم البريء حتى يقضي على خلاف الحق ، وعند ذلك
نزلت الآية ورفعت النقاب عن وجه الحقيقة فعرف المحق من المبطل.
والدقة في فقرات الآية الثانية يوقفنا
على سعة عصمة النبي من الخطأ وصيانته من السهو ، لأنّها مؤلفة من فقرات أربع ، كل
يشير إلى أمر خاص :