فغاية ما عند الإمام الأشعري وأتباعه
أنَّ لله سبحانه صفات خبرية مثل اليدين ، والوجه ، ولكن لا نعرف كنه اللفظ الوارد
فيه ، ولسنا مكلّفين بمعرفة تفسير هذه الآيات وتأويلها ، بل التكليف قد ورد
بالاعتقاد بأنّه لا شريك له وليس كمثله شيء ، وذلك قد أثبتناه يقيناً [١].
وهذه الطائفة قد خرجت من مغبة التشبيه
والتجسيم ، غير أنّهم تورّطوا في أشراك التعطيل وحبائله ، فعطّلوا العقول عن
التفكّر في المعارف والأُصول كما عطّلوها عن التدبّر في الآيات والأحاديث ، فكأنّ
القرآن ألغاز نزلت إلى البشر ، وليس كتاباً للتعليم والإرشاد ، قال تعالى : (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا
لِّكُلِّ شَيْءٍ)[٢]
، فإذا كان القرآن مبيّناً لكل شيء فكيف لا يكون مبيّناً لنفسه ؟! وكيف يكون
المطلوب منه نفس الاعتقاد من دون فهم معناه ؟ وفي الختام نشير إلى عدّة أُمور :
١. انّ القوم يطلقون عنوان « المعطّلة »
على القائلين بوحدة الذات والصفات بمعنى أنّ صفاته سبحانه عين ذاته لا شيء زائد
عليه ، وأنّ الذات كلّها علم وكلّها قدرة ، وكلّها حياة ، وليست هذه الصفات
أُموراً زائدة على نفس الذات.
والقوم لما لم يصلوا إلى مغزى تلك
العقيدة رموا القائلين بها بالتعطيل ، أي تعطيل الذات عن الاتصاف بالصفات ، وهم
برآء عن هذه التهمة ، إذ لم يعطّلوها عن الاتصاف بها ، بل نزّهوا الذات عن الاتصاف
بالصفات الزائدة ، فكم فرق بين تعطيل الذات عن الصفات ، وبين تنزيهه عن الصفات
الزائدة ؟ فتوصيفهم بالتعطيل ظلم واضح ، بل المعطّلة حقيقة هم الذين عطّلوا العقول
عن البحث