هذا هو معنى الهم ، وتؤيده سائر الآيات
الوارد فيها لفظ الهم ، ولو استعمل في مورد في خطور الشيء بالبال ، وإن لم يقع
العزم عليه ، فهو استعمال نادر لا يحمل عليه صريح الكتاب.
أضف إلى ذلك أنّ الهمين في الموردين
بمعنى واحد ، وبما أنّ هم العزيزة كان بنحو العزم والإرادة ، وجب حمل الهم في جانب
يوسف عليه أيضاً لا على خطور الشيء بالبال ، لأنّه تفكيك بين اللفظين من حيث
المعنى بلا قرينة ، ولكن تحقّق أحد الهمين دون الآخر ، لأنّ هم يوسف كان مشروطاً
بعدم رؤية برهان ربِّه ، وبما أنّ العدم انقلب إلى الوجود ، ورأى البرهان لم يتحقق
هذا الهم من الأساس ، كما سيوافيك ، نعم لا ننكر أنّ الهم قد يستعمل بالقرينة في مقابل
العزم ، قال كعب بن زهير :
فكم فهموا من سيد متوسع
ومن فاعل للخير ان همّ أو عزم
ولكن التقابل بين الهم والعزم أوجب حمل
الهم على الخطور بالبال ، ولولاه لحمل على نفس العزم.
كما ربّما يستعمل في معنى المقاربة
فيقولون : همّ بكذا وكذا ، أي كاد يفعله ، وعلى كل تقدير فالمعنى اللائح من الهم
في الآية هو العزم والإرادة.
٢. ما هو جواب لولا ؟
لا شك أنّ « لولا » في قوله سبحانه : (لَوْلا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ) ابتدائية.
فلا تدخل إلاّ على المبتدأ مثل « لوما » قال ابن مالك.