فزعمت المخطّئة أنّ قوله عليهالسلام(بَلْ
فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ) كذب لا شك فيه ، لأنّه هو الذي كسر
الأصنام وجعلها جذاذاً إلاّ كبيرها ، فكيف نسب التكسير إلى كبيرها ؟
ولا يخفى أنّ الشبهة واهية جداً ، مثل
الشبهة السابقة ، لأنّ الكذب في الكلام إنّما يتحقق إذا لم يكن هناك قرينة على
أنّه لم يرد ما ذكره ، بالإرادة الجدية ، وانّما ذكره لغاية أُخرى ، ومع تلك
القرينة لا يُعد الكلام كذباً ، والقرينة في الكلام أمران :
الأوّل
: قوله عليهالسلام
عند مغادرة قومه البلد ومخاطبتهم بقوله : (وَتَاللهِ
لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ)[٢] ، ولا يصح حمل ذلك على أنّه قاله في
قلبه وفكرته ، لا بصورة المشافهة والمصارحة ، وذلك لأنّ إبراهيم كان مشهوراً
بعدائه وكرهه للأصنام ، حتى أنّهم بعد ما رجعوا إلى بلدهم ووجدوا الأصنام جذاذاً ،
أساءوا الظن به ، واتهموه بالعدوان على أصنامهم وتخريبها و (قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ
لَهُ إِبْرَاهِيمُ)[٣].
الثاني
: انّ من المسلّم بين إبراهيم وعبدة الأصنام
أنّ آلهتهم صغيرها وكبيرها