وقبل الدخول في البحث نقدم أُموراً ،
تلقي الضوء على الحقيقة وتكشف الشك عن محيا الواقع.
الأوّل
: النبأ في العرف العربي [١] الخبر الخطير الذي يستدعي الاهتمام به
بالنظر إلى غاياته وآثاره فهو أخص من مطلق الخبر ، وبه يسمّى النبي نبياً ، لأنّه
منبئ بما هو خطير من إنذار أو تبشير ، والتنبّؤ إخبار بالغيب ، لأنّه أظهر أفراد
الخبر الخطير وأعظم مصاديق لنبأ العظيم [٢].
النبي في اللغة مأخوذ من مادة « النبأ »
بمعنى الخبر المهم العظيم الشأن أو بمعنى الارتفاع وعلو الشأن ، والأوّل أظهر ،
وأكثر العرب لا تهمزه ، بل نقل أنّه لم يهمزه إلاّ أهل مكة ، وقد أنكر النبي على
رجل قال له : « يا نبيء الله » [٣]
حيث روي أنّ رجلاً قال له : يا نبيء الله ، فقال : « لا تنبر [٤] اسمي ، إنّما أنا نبي الله ».
النبي « فعيل » بمعنى فاعل للمبالغة من
النبأ : الخبر ، لأنّه ينبئ عن الله ، أي يخبر عنه ، ويجوز فيه تحقيق الهمزة
وتخفيفها ، يقال : نَبَأ ونَبَّأ وأنبأ ، قال سيبويه : ليس أحد من العرب إلاّ
ويقول : تنبّأ مسيلمة بالهمزة غير انّهم تركوا الهمزة في النبي ، كما تركوه في
الذرية والبرية والخابية إلاّ أهل مكة فإنّهم يهمزون هذه الأحرف الثلاثة ولا
يهمزون غيرها ويخالفون العرب في ذلك كله [٥].
قال الجوهري : يقال نبأت على القوم إذا
طلعت عليهم ، ونبأت من أرض
[١] ننقل في المقام
نصوص أهل اللغة والعلم في تفسير النبي والرسول.