قول القائل : «
والرسول هو الرسول الحامل لرسالة خاصة » [١].
وهذا الفرق لا يخلو من خفاء أيضاً فإنّ
جعل الرسول من له رسالة خاصة تستتبع مخالفة العذاب لم يدل عليه دليل وما استدل به
من قوله سبحانه : (وَمَا
كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً) لا يدل على
أنّ ما رآه داخل في حقيقة الرسالة ، وإنّها محددة به ، والدليل على ذلك إنّه لو
قال مكانه : « حتى نبعث نبياً » لكان صحيحاً أيضاً ، لتمامية الحجة ، ببعث النبي
والرسول كليهما ، كما في قوله سبحانه : (كَانَ
النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ
وَمُنذِرِينَ)[٢]
فلولا إتمام الحجة ببعث النبي لما صح توصيفهم بعد البعث ، بكونهم مبشرين ومنذرين.
وعلى أي حال فقد اضطرب رأيه في إبداء
الفرق بين اللفظين فاختار في المقام ما نقلناه عنه ، وقال في موضع آخر انّ النبي
هو الذي يرى في المنام ما يوحى به إليه ، والرسول هو الذي يشاهد الملك فيكلّمه [٣].
وقد دفعه إلى اختيار ثاني النظرين وروده
في الروايات ويظهر منه في موضع ثالث [٤]
ما هو المختار عندنا ، وسوف يوافيك بيانه.
[١] الميزان : ٢ / ١٤٥
و ٣ / ٢١٦ حيث قال : إنّ النبوة هي منصب البعث والتبليغ ، والرسالة هي السفارة
الخاصة التي تستتبع الحكم والقضاء بالحق بين الناس ، أمّا بالبقاء والنعمة أو بالهلاك
، وسيوافيك امكان إرجاع كلامه هذا إلى ما هو المعتمد عندنا ، أعني : سابع الوجوه ،
مع تصريحه به في : ١٦ / ٣٤٥ من ميزانه.
[٤] الميزان : ١ / ٢٧٤
حيث قال : النبوة معناها تحمل النبأ من جانب الله والرسالة معناها تحمل التبليغ والمطاعية
والإطاعة ، ونظيره ما أفاده في ١٦ / ٣٤٥ فقد عدّ التبليغ من شؤون الرسالة ، مع
أنّه عدّه في الجزء الثالث ص ٢١٦ من شؤون النبوة ، والعصمة لله سبحانه ولمن اصطفاه
من عباده.