والفرق بين العداوة والبغضاء أنّ
الاُولى عبارة عن البغض الذي يظهر أثره في الخارج ، وأمّا البغضاء فهو مطلق
المنافرة وإن لم يستعقب شيئاً من العمل.
هذا إذا قلنا برجوع الضمير إلى اليهود
فقط ، وأمّا إذا قلنا بمقالة المنار من رجوعه إلى اليهود والنصارى فالعداوة بينهم
غير منقطعة ، وأوضحه صاحب المنار بقوله : « العدواة على أشدها في بلاد روسيا على
أقلها في انكلترا وفرنسا والمانيا واليهود أغنى أهلها والمديرون لأرحية أعظم
الأعمال المالية فيها ، وهم على مكانتهم هذه مبغوضون في جماهير النصارى ، فكم
اُلّفت كتب في فرنسا وغيرها في التحريض عليهم ، قال : « قد أخبرني ألماني من
المستشرقين أنّهم لا يعدون اليهودي من بلاده منهم بل يقولون هذه يهودي وهذا ألماني
» [١].
نعم تنبّأ القرآن في آية اُخرى باغراء
الله سبحانه العداوة والبغضاء بين النصارى إلى يوم القيامة قال سبحانه : (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ
أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا
بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ
وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) ( المائدة ـ
١٤ ) والعداوة بين فرق النصارى أشد وأوضح لمن زاولهم وطالع كتبهم.
وفي الوقت نفسه فإنّ الآيتان تنبئان عن
بقاء دينهم إلى يوم القيامة وهو تنبّؤ آخر تضمّنته الآيتان ، فلاحظ.
٢. قوله سبحانه : (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ
... ) فالحرب ضد
السلم وهو أعم من القتال والقتال يصدق بالاخلال بالأمن والنهب والسلب وتهييج الفتن
والاغراء بالقتال ، وقد أغرى اليهود المشركين بالنبي والمؤمنين وهم الذين حزّبوا
الأحزاب على