مبعوثين من جانبه
سبحانه ، فقد حارب جالوت داود ومن معه من صالحي بني اسرائيل وكما حارب طالوت الذي
بعثه الله ملكاً ، وأمّا عملاق ألمانيا فحدث عن جرائمه ولا حرج.
وما يقال إنّه لما كان تسلّط بخت نصر
وقهره لهم جزاء لهم على أعمالهم السيئة فأسنده سبحانه لنفسه وقال : بعثنا عليكم
عباداً لنا [١]
توجيه لا تركن إليه النفس ، ونضيف إلى ما ذكر أنّ كل هذه الوجوه لا تلائم ظاهر
الآية لاستلزامها التفكيك بين مراجع الضمائر إذ الظاهر أنّ الضمائر الغائبة في : (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) وفي : (لِيَسُوءُوا) و : (لِيَدْخُلُوا) و : (دَخَلُوا) و : (لِيُتَبِّرُوا) يرجع إلى من
وصفهم الله بقوله ثم : (بَعَثْنَا
عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) ولازم ذلك
اتحاد الفئة التي تحارب اليهود في المرة الاُولى مع الفئة المتغلبة عليهم في المرة
الثانية ، وإن هناك حربين تقعان بين اليهود وجماعة خاصة ، لا أنّ كل واحد من
الحربين تقع مع جماعة غير الجماعة الاُخرى.
وهذا الأمر غير موجود في الوجوه التي
ذكروها إذ لم يقع أي إشتباك مجدد بين اليهود وبخت نصر ، أو بينهم وبين سابور ، ولم
تصدر كرّة منهم عليهم مجدداً ، أضف إلى ذلك أنّ ظاهر قوله سبحانه وليدخلوا المسجد
كما دخلوه أوّل مرة أنّ المحاربين لليهود يدخلون المسجد مرتين ويتسلّطون على
المسجد الأقصى كما يستفاد من تعريفه باللام ، مرة بعد مرة ، مع أنّ بخت نصر وسابور
لم يتسلّطا على المسجد أكثر من مرة ، وما دخلوه أكثر منها.
وعلى الجملة : انّ هذه الوجوه لا تلائم
ظاهر الآية ويحتمل أن تكون الآيات مشيرة إلى الأحداث الجارية في الأراضي المحتلة ،
ويعلم الله سبحانه أنّ أي واحد من الوعدين تحقق ، وأنّ الوضع الحاضر يمثل أيّاً
منهما ولا شك أنّهم مزوّدون بالأموال والبنين مضافاً إلى دعم الدول العالمية
الكبرى لهم ، وبعد ذلك كلّه فما ذكرناه إنّما هو أحد الآراء