امح رسول الله ، قال
علي : لا والله لا أمحوك أبداً ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
الكتاب وليس يحسن يكتب ، فكتب هذا ما قاضى محمد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يدخل مكة السلاح إلاّ السيف في
القراب الخ [١].
وقد تمسك بظاهر الرواية « أبو الوليد
الباجي » فادّعى أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
كتب بيده بعد أن لم يكن يكتب ، فشنع عليه علماء الأندلس في زمانه ورموه بالزندقة
وانّ الذي قاله يخالف القرآن حتى قال قائلهم :
برئت ممّن شرى دنيا بآخرة
وقال إنّ رسول الله قد كتبا
فجمعهم الأمير فاستظهر « الباجي » عليهم
بما لديه من المعرفة وقال للأمير : هذا لا ينافي القرآن بل يؤخذ من مفهوم القرآن ،
لأنّه قيد النفي بما قبل ورود القرآن ، فقال : (وَمَا
كُنتَ تَتْلُوا مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا
لاَّرْتَابَ المُبْطِلُونَ) وبعد أن تحققت اُمنيته وتقررت بذلك
معجزته ، وأمن الارتياب في ذلك ، لا مانع من أن يعرف الكتابة بعد ذلك من غير تعليم
فتكون معجزة اُخرى.
وذكر « ابن دحية » أنّ جماعة من العلماء
وافقوا الباجي في ذلك منهم شيخه ابن أبي شيبة وعمر بن شبة من طريق مجاهد ، عن عون
بن عبد الله ، قال : ما مات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
حتى كتب وقرأ ، قال مجاهد : فذكرته للشعبي فقال : صدق قد سمعت من يذكر ذلك [٢].
الجواب عن الاستدلال بالرواية :
إنّ ما رواه البخاري وغيره ممّن جنح
إليه على خلاف ما يرتئيه المستدل أدل ، فإنّ
[١] صحيح البخاري ج
٥ باب عمرة القضاء ص ١٤١ ، الكامل ج ٢ ص ١٣٨ ، مسند أحمد ج ٤ ص ٢٩٨ ولفظه هكذا :
فكتب مكان رسول الله ، هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله ألاّ يدخل مكة السلاح
إلاّ في القراب.
[٢] فتح الباري ج ٩
ص ٤٤ وأضاف الباجي بأنّ في معرفة الكتاب بعد اُمّيته صلىاللهعليهوآلهوسلم
معجزة اُخرى لكونها من غير تعليم ، لاحظ مناهل العرفان ج ١ ص ٣٥٨.