مكتوب اسمه في
التوراة والانجيل ، ومنعوت فيهما بأنّه يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، يحل لهم
الطيبات ، يحرّم عليهم الخبائث ، يضع عنهم الإصر ، ويرفع عنهم الأغلال.
وهذه الصفات التي تضمّنتها الآية في حق
النبي الأكرم واضحة حتى الوصف الذي هو موضوع البحث ( الاُمّي ) إذ الاُمّي حسب
تنصيص الكتاب المبين هو من لا يقدر على القراءة ولا يحسن الكتابة كما يقول سبحانه
: (وَمِنْهُمْ
أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ
يَظُنُّونَ) ( البقرة ـ ٧٨ ).
قوله سبحانه : (لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ) توضيح لقوله
اُمّيون أي منهم اُمّة منقطعون عن كتابهم لا يعلمون منه إلاّ أوهاماً وظنوناً
يتلوها عليهم علماؤهم ، الذين يحرفون كتاب الله وكلماته عن مواضعها ، ويحسب هؤلاء
السذّج أنّه الكتاب المنزل إليهم من ربّهم. ولذلك قال سبحانه في الآية التالية : (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ
بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ
ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم
مِّمَّا يَكْسِبُونَ) ( البقرة ـ ٧٩ ).
فلو كانوا عارفين بالكتاب قادرين على
قراءته وتلاوته لما اغتروا بعمل المحرّفين ، ولميّزوا الصحيح من الزائف غير أنّ
اُمّيتهم وجهلهم به حالت بينهم وبين اُمنيتهم.
قال الرازي : إنّه تعالى وصف محمداً في
هذه الآية بصفات تسع [١]
إلى أن قال : الصفة الثالثة كونه اُمّياً ، قال الزجّاج : معنى الاُمّي الذي هو
على صفة اُمّة العرب ، قال عليه الصلاة والسلام : إنّا اُمّة اُمّية لا نكتب ولا
نحسب [٢] فالعرب
أكثرهم ما كانوا يكتبون ولا يقرأون ، والنبي كان كذلك فلهذا السبب وصفه بكونه
اُمّياً [٣].
[٢] إيعاز إلى ما
رواه البخاري في صحيحه ج ١ ص ٣٢٧ عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
أنّه قال : إنّا اُمّة اُمّية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا أو هكذا ، مرة تسعة
وعشرين ومرة ثلاثين.