وليست الاُولى من نتائج الثانية ، ومن
ثمراتها ، بل الاُولى تابعة في الثبات والتحول لعاملها وعلّتها ، فإن كان عامل
الحياة فطرياً ثابتاً ، فأثره حتمي ثابت في العيش الاجتماعي ، وإن كان العامل
المحرّك ، أمراً متغيراً طارئاً غير فطري فأثره المحتوم في المجتمع يتغير ويتطور
تبعاً لتغيره وتطوره.
مثلاً : استخدام الطبيعة والاستفادة
منها في سبيل الحياة ، أمر فطري للبشر لكن التوصل إلى المقصود والاستفادة منه
بأدوات خاصة ، كالسهم والنصل والبعير ، ليس أمراً فطرياً ، بل هي تتطور وتتطور معه
صور الاجتماع وأوضاعه.
فالانسان الذي كان يركب الدواب في قطع
المسافات وتأمين المواصلات أخذ في هذا القرن ، يقطع المسافات ويؤمن مواصلاته
بالسيارة والطائرة.
اذن فالقول بتبدل الأشكال والأوضاع
الاجتماعية ، استناداً إلى حتمية التاريخ باطل جداً ، وإنّما التبدل وعدمه متوقف
على العامل المؤثّر فيه ، فإن كان العامل ثابتاً يثبّت الوضع الاجتماعي المستند
إليه ، وإن كان متبدّلاً يتبدل [١].