فعدّ الله كل صنف من الدواب والطيور
اُمماً ، لما بينها من المشاكلة والمشابهة حيث الخلق والخلق ، فهي بين ناسجة
كالعنكبوت ، وبانية كالسرفة ، ومدخرة كالنمل ومعتمدة على قوت وقتها كالعصفور
والحمام ، إلى غير ذلك من الطبائع التي يخصص بها كل نوع [١].
ويمكن أن يقال : إنّ ما ألمحنا إليه من
موارد الاستعمال للفظ « الاُمّة » ليست معاني مختلفة ، حتى يتصور أنّ اللفظ وضع
عليها بأوضاع متعددة ، بل كلها مصاديق لمعنى وسيع وضع عليه اللفظ ( الاُمّة ) وهو
كل اجتماع من الانسان وغيره من الحيوان ، يجمعهم أمر ما من الزمان والمكان والدين
والعنصر وغيرها.
الاُمّة : الطريقة والدين :
نعم للاُمّة معنى آخر اُستعملت فيه ، في
الكتاب والسنّة ، وهو الطريقة والدين ، كقوله سبحانه : (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ
أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ) ( الزخرف ـ ٢٢
) وقوله سبحانه : (إِنَّا
وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم
مُّقْتَدُونَ) ( الزخرف ـ ٢٣ ).
قال الجوهري في صحاحه : الاُمّة ،
الطريقة والدين ، يقال لا اُمّة له ، أي لا دين ونحلة ، قال الشاعر :
وهل يستوي ذو اُمّة وكفور ...
وقال الفيروز آبادي : الاُمة ـ بالكسر ـ
الحالة والشرعة والدين ويضم.
هذه هي الاُمة ومعناها وقد عرفت أنّه لم
يستعمل في الكتاب إلاّ في هذين المعنيين ( الجماعة والدين ) وقد ذكروا لها معاني
اُخرى يمكن ارجاعها إلى ما ذكرناه.