فإنّ قوله : (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ) وإن كان
بصيغة المضارع ، إلاّ أنّه مجرد عن الدلالة على الحال والاستقبال ، بدليل أنّه صفة
لقوله سبحانه : (الَّذِينَ
خَلَوْا مِن قَبْلُ) فلو كانت الدلالة على الزمان مقصودة
لوجب أن يقال : الذين بلغوا رسالات الله ، تطبيقاً للوصف على الموصوف ، ولما كان
المقصود قيام الرسل الذين خلوا من قبل بنفس أمر التبليغ من غير دلالة على زمان
القيام واستمراره ، صح توصيفه بالمضارع.
نقل كلام عن العلمين :
ثم إنّي وقفت بعد فترة من الزمان على
سؤال وجّهه بعض الأجلّة [١]
إلى العلمين الشيخ محمد جواد البلاغي [٢]
والسيد هبة الدين الشهرستاني [٣]
يسألهما عن تلك الشبهة الضئيلة ، وقد وافاه الجواب منهما ، وبعث السائل السؤال
والجواب إلى مجلة العرفان [٤]
فنشرهما مدير المجلة على صفحاتها [٥]
فراقنا نقل الجوابين على وجه الاجمال ، لكون مضمونهما قريباً مما ذكرناه.
قال العلاّمة البلاغي : لابد من بيان
أمرين :
الأوّل : إنّ تلك الطائفة لا يعرفون
اللغة العربية وخواصها ، فإنّ الفعل المضارع غير مختص في المحاورات بالاستقبال ،
بل يؤتى به منسلخاً عن خصوصيات الزمان للدلالة على الدوام والثبات كقولهم : زيد
يكرم الضيف ، ويفك العاني ومن ذلك قول
[١] العلامة
الچرندابي المغفور له كان آية في التتبع ، وله أشواط بعيدة وخدمات ومواقف مشكورة.
[٢] كان علماً من
أعلام الاُمّة وفطاحلها ، قد أفنى عمره في الذب عن حريم التوحيد والرسالة ، توفّي
عام ١٣٥٢.
[٣] نادرة الزمان
ونابغة العراق ، توفّي في ٢٥ من شهر شوال عام ١٣٨٦.
[٤] مجلة علمية
أدبية سياسية شيعية ، تصدر في مدينة صيدا ، من لبنان الجنوبي ، أسّسها الشيخ أحمد
عارف الزين عام ١٣٢٧ وهي لم تزل تصدر إلى الآن.