٢. لا يأتيه الباطل : لا يأتيه كتاب
يبطله وينسخه بأن يجعله سدى ، فهو حق ثابت لا يبدل ولا يغير ولا يترك.
٣. لا يأتيه الباطل : لا يتطرق في اخباره
عمّا مضى ولا في اخباره عمّا يجيء ، الباطل ، فكلّها تطابق الواقع.
وعلى أي تقدير فمحصل الآية بحكم الاطلاق
المستفاد من قوله سبحانه : « لا يأتيه » أنّ القرآن حق لا يدخله الباطل إلى يوم
القيامة.
ويؤيد ذلك قوله سبحانه : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا
لَهُ لَحَافِظُونَ) ( الحجر ـ ٩ ) أي نحفظه عن تطرق أي
بطلان إليه إلى يوم البعث ، كما هو أيضاً مقتضى اطلاقه.
والحق المطلق الذي لا يدانيه الباطل
أبداً ، والمحفوظ عن تسلل البطلان إليه إلى يوم القيامة كما هو ظاهر الآيتين ،
يمتنع أن يكون حجّة محدودة ، بل يكون متبعاً لا إلى غاية خاصة وأمد محدود ، لأنّ
خاصية الحق المطلق والمصون عن تطرق البطلان مطلقاً هو كونه حجة لا إلى حد خاص
والله سبحانه عهد : (لِيُحِقَّ
الحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ المُجْرِمُونَ) ( الانفال ـ
٨ ).
فإذا كان القرآن حقاً مطلقاً مصوناً عن
تسلل البطلان إليه ، ومتبعاً للناس إلى يوم القيامة ، يجب عند ذلك ، دوام رسالته
وثبات نبوّته وخاتمية شريعته.
وإن شئت قلت : إنّ الشريعة الجديدة إمّا
أن تكون عين الشريعة الإسلامية الحقة المحقة التي لا يقارنها ولا يدانيها الباطل
أو غيرها ، فعلى الأوّل لا حاجة إلى الثانية ، وعلى الثاني فامّا أن تكون الثانية
حقّة كالاُولى ، فيلزم كون المتناقضين حقاً ، أو يكون الاُولى حقّة دون الاُخرى ،
فهذا هو المطلوب.
والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
لم يزل يبيّن شريعته ، بالكتاب الحق الذي لا يدانيه الباطل وبسنّته المحكمة التي
لا تصدر عنه إلاّ بإيحاء منه سبحانه ، كما قال : (وَمَا
يَنطِقُ عَنِ الهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلاَّ
وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ
الْقُوَىٰ) ( النجم : ٣ ـ ٥ ) وعلى أي تقدير
فالآية