وأمّا قوله سبحانه : (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) فليس ظاهراً
فيما فسره صاحب الكشاف ، من الجم الغفير ، ولأجل ذلك فسّره حبر الاُمّة بأهل عالمي
زمانهم كلهم ، لا بالجم الغفير ، كما فسّر به قوله سبحانه : (إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ
وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ) ( آل عمران
ـ ٤٢ ).
وعلى أي حال سواء أفسّرناه بالجم الغفير
أم خصصناه بأهل عالمي زمانهم فإنّما هو لقرينة صارفة عن ظاهره ، حيث دل القرآن على
أنّ الاُمّة الإسلامية أفضل الاُمم ، لقوله سبحانه : (كُنتُمْ
خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ
المُنكَرِ)
( آل عمران ـ ١١٠ ).
ونظير تلك الآية ما دل على اصطفاء مريم
على نساء العالمين ، كما قال سبحانه : (إِنَّ
اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ) ( آل عمران ـ
٤٢ ) فالمراد منه هو نساء عالمي أهل زمانها ، لما اُثر عن النبي وآله من عدم فضلها
على ابنته فاطمة عليهاالسلام.
أخرج ابن سعد ، عن مسروق ، عن عائشة في
حديث : انّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
أسر إلى فاطمة عند مرضه وقال : أما ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الاُمّة ، أو
نساء العالمين [١].
وأخرج مسلم والترمذي والبخاري في صحاحهم
عن عائشة ، قالت : إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
قال لفاطمة في اُخريات أيامه : ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة
نساء هذه الاُمّة [٣].
روى الحديث بألفاظه المختلفة العلاّمة
المجلسي في بحاره ، فراجع [٤].
ولولا هذه المأثورات عمّن نزل عليه
القرآن لكان الواجب الأخذ بظاهرها والحكم
[١] و (٢) الطبقات
الكبرى ج ٨ ص ٢٧ ، حلية الأولياء ج ٢ ص ٤٠.