وبعبارة اُخرى : إنّ الأمانة هو الدين
الحق وأداؤها هو الأخذ به والعمل بمقتضاه ، ولا شكّ أنّ الأخذ بالدين ينطوي على
مسؤولية كبيرة اتّجاه الله سبحانه ، واتّجاه نبيّه واتّجاه اُمّته.
وهذه المسؤوليّة إذا فسِّرت ، كان من
أجزاءها : تدبير المجتمع ، وتنظيم شؤونه ، وأموره ، وإجراء السياسات والحدود في
ذلك المجتمع.
وممّا يجدر بالذكر ، أنّ العلاّمة
الطباطبائيّ اعترض على هذا التفسير لكلمة الأمانة المذكورة في الآية بالدين
الإلهيّ بقوله : ( انّ الآية تصرِّح بحمل مطلق الإنسان لتلك الأمانة كائناً من كان
، أي مؤمناً كان أم كافراً ، مشركاً كان أو منافقاً ... ومن البين أنّ أكثر من لا
يؤمن لا يحمله ، ولا يعلم به أساساً ، فكيف يمكن تفسير الأمانة بالدين ، فلابدّ من
تفسيرها بغير الدين ، ليصدق حمل جميع أفراد النوع الإنسانيّ لها ) [١].
غير أنّ ما ذكره من الإشكال ليس صحيحاً
إذ ليس المراد من ( الحمل ) هو الأخذ الفعليّ بالدين وتطبيقه في المجالات ، بل هو
( تقبّل ) الأخذ بالدين ، ولمّا كان الإنسان ظلوماً ، جهولاً حسب نصّ الآية فإنّه
قد خان الأمانة ولم يخرج عن عهدتها ... ولأجل ذلك ، صار بين مؤمن يقوم بتعهده
والتزامه ، ومنافق يختلف ظاهره عن باطنه ، فيتظاهر بالتسليم للدين. وهو كاره له في
باطنه ، ومشرك يشرك في الأخذ فيأخذ من الدين ضغثاً ومن أهوائه ضغثاً.
* * *
الاستخلاف غير التفويض
قد صار المحصّل من هذا البحث الضافي ، أنّ
الإنسان بما هو خليفة الله في أرضه ، خليفته في الحكم والقيادة.