نعم خالف الشوكاني في المقام وجاء بالحق
حيث قال : والحق أنّ قول الصحابي ليس بحجة ، فإنّ الله سبحانه وتعالى لم يبعث إلى
هذه الأُمّة إلاّ نبينا محمداً وليس لنا إلاّ رسول واحد ، والصحابة ومن بعدهم
مكلّفون على السواء باتّباع شرعه والكتاب والسنّة ، فمن قال : إنّه تقوم الحجة من
دين الله بغيرهما فقد قال في دين الله بما لا يثبت ، وأثبت شرعاً لم يأمر الله به [١].
وما ذكره الشوكاني حق والحق أحق أن
يتّبع وقال سبحانه : (وَلاَ
تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هٰذَا حَلاَلٌ وَهَذَا
حَرَامٌ)[٢].
وقال سبحانه : (ءَاللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَىٰ اللهِ
تَفْتَرُونَ)[٣].
إنّ حق التشريع من حقوقه سبحانه لم يعطه
لأحد حسب مفاد هذه الآيات ولم يشرك فيه أحداً غير أنّ بعض أهل السنّة قد جانب الحق
وأثبته للأُمراء ، وراء الصحابة يسمّونه « صوافي الأُمراء ».
فعن المسيب بن رافع قال : إذا كان الشيء
من القضاء وليس في الكتاب ولا في السنّة سمّي « صوافي الأُمراء » فجمع له أهل
العلم فما اجتمع عليه رأيهم فهو الحق [٤].
وعن هشام بن عروة قال : ما سمعت أبي
يقول في شيء قط برأيه ، قال : ربما سئل عن الشيء فيقول هذا من خالص السلطان [٥].
[١] راجع ص : ٢٣١ ـ
٢٣٩ كتاب بحوث مع أهل السنّة والسلفية.