إلى هنا اتضح أنّ الحق في التعريف هو أن
يقال : العبادة هي الخضوع النابع عن الاعتقاد بإلوهية المعبود ، وإلى ذلك يشير آية
الله الحجة المرحوم الشيخ محمد جواد البلاغي ، في تفسيره المسمّى ب « آلاء الرحمن
» في معرض تفسيره وتحليله لحقيقة العبادة : العبادة ما يرونه مشعراً بالخضوع لمن
يتخذه الخاضع إلهاً ليوفيه بذلك ما يراه له من حق الامتياز بالإلوهية [١].
لقد صب العلاّمة البلاغي ما يدركه
فطرياً للعبادة في قالب الألفاظ والبيان. والآيات المذكورة تؤيد صحة هذا التعريف
واستقامته.
التعريف الثاني
العبادة هي الخضوع أمام من يعتقد بأنّه
يملك شأناً من شؤون وجوده وحياته وآجله وعاجله.
وتوضيح ذلك : انّ العبودية من شؤون
المملوكية ومن مقتضياتها ، فعندما يحس العابد في نفسه بنوع من المملوكية ، ويحس في
الطرف الآخر بالمالكية ، يفرغ إحساسه هذا ـ في الخارج ـ في ألفاظ وأعمال خاصة ،
وتصير الألفاظ والأعمال تجسيداً لهذا الإحساس ، ويكون كل عمل أو لفظ مظهراً لهذا
الإحساس العميق عبادة ، ولا شك أنّ المقصود بالمالكية ليس مطلق المالكية ،
فالاعتقاد بالمالكية القانونية والاعتبارية لا يكون ـ أبداً ـ موجباً لصيرورة
الخضوع عبادة ، إذ أنّ البشر
[١] آلاء الرحمن :
٥٧ طبعة صيدا ، وقد طبع من هذا التفسير جزءان فقط.