لفظ العبادة من المفاهيم الواضحة كالماء
والأرض ، فهو مع وضوح مفهومه يصعب التعبير عنه بالكلمات رغم حضور هذا المفهوم في
الأذهان ، والعبادة كما هي واضحة مفهوماً ، فهي واضحة ـ كذلك ـ مصداقاً بحيث يسهل
تمييز مصاديقها عن مصاديق التعظيم والتكريم وغيرهما من المفاهيم ، فتقبيل العاشق
الولهان دار معشوقته ، واحتضان ثيابها شوقاً ، أو تقبيل تراب قبرها بعد الموت ، لا
يدعى عبادة للمعشوقة.
كما أنّ ذهاب الناس إلى زيارة من يعنيهم
من الشخصيات ، والوفود إلى مقابرهم لزيارتها والوقوف أمامها احتراماً ، وإجراء
مراسم وطقوس خاصة لديها لا يعد عبادة ـ أبداً ـ وإن كانت هذه الأفعال تبلغ ـ في
بعض الأحايين ـ من حيث شدّة الخضوع إلى درجة كبيرة ، إنّ الضمائر اليقظة هي وحدها
تقدر على أن تكون الحكم العدل ـ في مثل هذا البحث ـ لتمييز الاحترام والتعظيم عن
العبادة ، دون حاجة إلى تكلّف ، ولكن إذا تقرر أن نعرّف العبادة بتعريف موضوعي
أمكننا أن