حاصل البرهان ـ على ما لخصه صدر المتألّهين
ـ : انّ الموجود ينقسم بحسب المفهوم إلى واجب وممكن ، والممكن لذاته لا يترجّح
وجوده على عدمه ، فلابد له من مرجّح من خارج ، وإلاّ ترجحه بذاته ، فكان ترجحّه
واجباً بذاته ، فكان واجب الوجود بذاته وقد فرض ممكناً ، وكذا في جانب العدم فكان
ممتنعاً وقد فرض ممكناً وهذا خلف ، فواجب الوجود لابد من وجوده.
وبما انّ الموجودات حاصلة فإن كان شيء
منها واجباً فقد وقع الاعتراف بالواجب ، وإلاّ وقع الانتهاء إليه لبطلان ذهاب
السلسلة إلى غير نهاية ، وبطلان عودها إلى بدئها لكونه مستلزماً للدور وهو باطل
لاستلزامه تقدم الشيء على نفسهوذلك ضروري البطلان فلم يبق إلاّ الانتهاء إلى
الواجب لذاته وهو المطلوب ، وهذا المسلك أقرب المسالك إلى منهج الصدِّيقين ، وليس
بذلك كما زعم [١].
وأمّا تفصيل البرهان :
١. لا ريب انّ وراء ذهننا ، وتصوّراتنا
وجوداً خارجياً ، وواقعاً غير قابل للإنكار وإنّ ما يتصوّره الإنسان من الصور
الذهنية لها مصاديق خارجية ووجوداً عينياً على صعيد الخارج ، وهذا على خلاف ما
يتصوره السوفسطائيون من قصر الوجود والواقعية على مجرد (الصور الذهنية) ، وانّه
ليس وراء ذهننا أي شيء ، وأية واقعية ، بل هو خيال في خيال.
وهذا الذي قلناه نحن أمر لا ينكره من
لديه أقل حظ من الفكر السليم.