ولك أن تراجع في هذا الصدد تفسير قوله
سبحانه : (وَإِذْ قَالَ
إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ
تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ
أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ
جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِيَنَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ
الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[١].
كل هذا مضافاً إلى أنّ بحث إبراهيم
وتحقيقه تم في حين كان قومه مشركين يعبدون تلك الكواكب والنجوم ، فهو كان فيهم
وكانوا معه ، وحيث إنّ أحد أهدافه عليهالسلام
في هذا التحقيق كان إرشاد قومه وهدايتهم إلى طريق الحق والصواب ، وذلك يقتضي أن
يقبل الموجّه والمرشد الفكرة الباطلة بنحو موقت ثم يعمد إلى إبطالها بالدليل
وإقامة البرهان ، لذلك لم يكن بد لإبراهيم من اتخاذ هذا الاسلوب المعقول والمنطقي
في الإرشاد والهداية والتوجيه.
٥. الظاهر أنّ الآيات المبحوثة تفيد أن
إبراهيم عليهالسلام قام بجميع
مراحل بحثه ـ المذكورة في الآيات ـ تباعاً وفي موقف واحد بحيث طلع القمر على أثر
أُفول النجم ، وطلعت الشمس على أثر غياب القمر.
ومثل هذا الفرض أي ملازمة طلوع القمر مع
أُفول النجم يحصل ـ في الأكثر ـ مع كون النجم المذكور هو الزهرة.
لأنّ كوكب الزهرة ـ نظراً لضيق مداره ـ
لا يمكن أن يبتعد عن الشمس أكثر من ٤٧ درجة ، ولهذا فهو يلازم الشمس دائماً ، وقد
يظهر في السماء قبل طلوع الشمس ، ولكن لا يلبث أن يختفي بعيد طلوع الشمس ، وقد
يظهر بعد غروب