وما لم يثبت بطلان
الفرض. فإذا ثبت بطلان الفرض تركه وانتقل إلى دراسة الفرض الآخر ، وهكذا يتحكم نوع
من الروح الباحثة على كل هذه الفروض دون أن يكون في البين أيُّ إذعان وتصديق.
هذا مضافاً إلى أنّ قوله تعالى : (وَكَذَلِكَ نُرِيَ إِبْرَاهِيم
... ) يفيد أنّ
إبراهيم كان مشمولاً بالعناية الإلهية الخاصة في كل المواقف ، وكان عليهالسلام يستمد منه تعالى العون ، والمدد ، وكان
الله سبحانه يريد لإبراهيم أن يقف على معنى مالكية الله وحاكميته المطلقة عبر طي
مراحل من استعراض مجموعة من الفرضيات عن حاكمية الكواكب والنجوم وإبطالها ، وأن
يطمئن ـ من خلال دليل رافع للشك ـ إلى أنّ أمر الإنسان بيد الله وليس بيد هذه
الأجرام النورية الأسيرة في قبضة القوانين الطبيعية ، الخاضعة للسنن الكونية.
مع هذا البيان لا يكون قول إبراهيم عليهالسلام : (
هٰذَا رَبِّي) بمعنى
الإذعان والتصديق القلبي.
وبعبارة أُخرى : كان الله تعالى يريد
لإبراهيم أن يكون ـ بمشاهدته لملكوت السماوات والأرض وتعلّق هذه الموجودات بالقدرة
الإلهية ـ من الموقنين ، كما صرح بذلك القرآن الكريم بعد أن كان من المؤمنين.
وهذا الكلام لا يعني ـ بالطبع ـ أنّ
إبراهيم كان إلى ذلك الحين خالياً من هذا اليقين عارياً عنه. كلا بل كان يعلم
بفطرته السليمة أنّ الرب الحقيقي للكون والإنسان هو الله الخالق لا غير ، ولكنّه
أُريد له أن يقف على ذلك الأمر الذي كانت الفطرة تدعو إليه عن طريق الاستدلال ،
ليزداد يقيناً إلى يقين.
ولم يكن هذا بالأمر الجديد في شأن
إبراهيم عليهالسلام ، بل تكرر
منه مثل هذا في