وقد بيَّنت الآية هذه الحقيقة بقولها : ( إِلىٰ الله والله هُو [
أي وحده ] الغَنِيُّ).
على أنّ القرآن الكريم لا يعتبر الإنسان
محتاجاً وفقيراً إلى الله قبل الخلق فحسب ، بل هو محكوم لهذا الفقر والحاجة حتى
بعد أن يرتدي حلّة الوجود ..
وهذا هو ما تفيده جملة : (أَنتُمُ الفُقَرَاءُ إِلىٰ الله)
فهي كما نلاحظ لم يؤخذ فيها « قيد
الزمان الماضي » فلم يقل مثلاً : كنتم الفقراء إلى الله ، بل بإطلاقها وعدم تقيدها
بالزمان تشمل الماضي والحاضر والمستقبل ، وهذا يعني بكل وضوح أنّ الإنسان محتاج
إلى الله سبحانه ، وجوداً وبقاءً.
وينقل الحكماء والفلاسفة المسلمون في
هذا الصدد حديثاً عن الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم
يقول فيه :
ويقال : إنّ مراد النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم من هذه العبارة هو : الإشارة إلى أنّ
حاجة الإنسان إلى الله أمر ملازم له في الدنيا والآخرة.
وقد ركز القرآن الكريم في مواضع متعددة
على صفة « الغنى » في الذات الإلهية بحيث يمكن اعتبار ذلك إشارة ضمنية أو صريحة
إلى هذا البرهان ، نعني : برهان الفقر والإمكان.
وإليك فيما يلي بعض الآيات التي وصف
الله فيها بالغنى :
[١] تجد نصَّ هذا
الحديث في الكتب الفلسفية والعرفانية وسفينة البحار : ٢ / ٣٧٨.