وحيث إنّ الفقر والاحتياج من لوازم ذوات
تلك الأشياء ـ لأجل ذلك ـ يجب أن تبقى محكومة بالفقر في كل الحالات ، حتى بعد
وجودها.
بناء على ذلك ، ومن ملاحظة حالة
الموجودات الكونية ، وملاحظة فقرها واحتياجها الذاتي وكونها غير قادرة على تغيير
حالتها ووضعها وانتقالها من عالم العدم إلى صفحة الوجود دون الاعتماد على ركن أصيل
غني.
أقول
: من ملاحظة كل هذه الأُمور يمكن الاستدلال
على وجود خالق غني أصيل هو الذي منح الوجود لهذه الأشياء ، وهو بالتالي واهب الكون
والمكان والوجود والزمان لجميع الممكنات كما ويمكن ـ بهذا الدليل ـ إثبات احتياج
الممكنات ـ بجملتها ـ إليه في كل الأزمنة واللحظات وفي جميع الأحوال والأوقات ،
ابتداء من أول عمرها إلى آخره ، احتياجاً لازماً لا ينقطع ، وافتقاراً دائماً لا
يزول ولا يرتفع.
هذا هو ما صرح به القرآن الكريم في نداء
يشمل جميع أبناء البشر إذ قال : (يَا
أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَىٰ اللهِ واللهُ هُوَ الغَنِيُّ
الْحَمِيدُ)[١].
ففي هذه الآية ركز القرآن الكريم على
موضوع « الفقر الذاتي » في الإنسان واحتياجه إلى « العلة الموجدة » أي الله تعالى
، إذ قال : (أَنتُمُ الفُقَرَاءُ
إِلىٰ اللهِ) وصرح بأنّ الموجود الوحيد الذي يمكنه
رفع هذا الاحتياج والفقر الإنساني هو الله تعالى شأنه.
فهو الوحيد الذي يقدر على مساعدة البشر
، وليس سواه بقادر على ذلك