يلاحظ عليه : أنّ ما ادّعوه من التأبيد
معارض بنبوة المسيح أوّلاً حيث قال : ( وَمُصَدّقاً لما
بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوراةِ وَلاُِحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الّذِي حُرِّمَ
عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بآيَة مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللّهَ وَأَطِيعُون )[٢]
، وعلى ضوء هذا فالتأبيد على فرض صدوره من الكليم محمول على طول الزمان.
الثالث
: انّ النسخ في التشريع كالبداء في التكوين مستحيل بشأنه تعالى ، لأنّهما عبارة عن
نشأة رأي جديد ، وعثور على مصلحة كانت خافية في بدء الأمر. والحال انّ علمه تعالى
أزليّ ، لا يتبدّل له رأي ولا يتجدّد له علم. فلا يعقل وقوفه تعالى على خطأ في
تشريع قديم لينسخه بتشريع جديد.
يلاحظ
عليه : أنّ النسخ في الأحكام العرفية يلازم
البداء غالباً ، أي ظهور ما خفي لهم من المصالح والمفاسد ، بخلاف النسخ في الأحكام
الشرعية فإنّ علمه سبحانه محيط لا يعزب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء ، فهو
سبحانه يعلم أمد الحكم وغايته ، غير أنّ المصلحة تستدعي إظهار الحكم بلا غاية ،
ولكنّه في الواقع مغيّى. فالنسخ في الأحكام العرفية رفع للحكم ، ولكنّه في الأحكام
الإلهية دفع له وبيان للأمد الذي كان مغيّى منذ تشريعه ولا مانع من إظهار الحكم
غير مغيّى وهو في الواقع محدّد ، بعد وجود قرينة عامة في التشريع من عدم لزوم كون
كلّ حكم مستمراً باقياً.