أصوات الصفير في وضوحها ، وأصداؤها في
أزيزها ، جعل لها وقعاً متميزاً ما بين الأصوات الصوامت ، وكان ذلك ـ فيما يبد ولي
ـ نتيجة التصاقها في مخرج الصوت ، واصطكاكها في جهاز السمع ، ووقعها الحاصل ما بين
هذا الالتصاق وذلك الاصطكاك ، هذه الأصوات ذات الجرس الصارخ هي : الزاي ، السين ،
الصاد ، يلحظ لدى استعراضها أنها تؤدي مهمة الإعلان الصريح عن المراد في تأكيد
الحقيقة ، وهي بذلك تعبر عن الشدة حيناً ، وعن العناية بالأمر حيناً آخر ، مما
يشكل نغماً صارماً في الصوت ، وأزيزاً مشدداً لدى السمع ، يخلصان إلى دلالة اللفظ
في إرادته الاستعمالية ، ومؤداه عند إطلاقه في مظان المعنى.
وسأقف عند ثلاث صيغ قرآنية ختمت بحروف
الصفير ، لرصد أبعادها الصوتية ؛ هي : « رجز » و « رجس » و « حصحص ».
١ـ الرجز ، في مثل قوله تعالى : (أولآئك لهم عذاب من رجز أليم )[١].
ويظهر في أصل الرجز الاضطراب لغة ،
فتلمس فيه الزلزلة في ارتجاجها ، والهدة عند حدوثها ، والنازلة في وقوعها ، ولما
كان القرآن العظيم يفسر بعضه بعضها ، فإننا نأنس على هذه المعاني في كل من قوله
تعالى :