أمر اعتباري ـ مثل الزوجية والبيعية ونحوهما ـ فهو عقد أو إيقاع , وإن لم يقصد به ذلك فهو غيرهما. فالنذر لما كان المقصود به تمليك الله سبحانه ـ كما عرفت ذلك مراراً ـ ولا يحتاج إلى القبول فهو من الإيقاع. ومثله العهد , فإنه يقصد به إيجاد المعاهدة. وأما اليمين فهو وعد وليس من الخبر في شيء , إذ لم يقصد به الحكاية , وإنما قصد به إيقاع مضمونه في المستقبل ادعاء , فاذا لم يقع كان خلفاً في الوعد , وهو قبيح , لا أنه كذب. وكذلك الوعيد فاذا لم يقع كان خلفاً , وهو حسن , لا أنه كذب. ويظهر من ذلك أن اليمين ليس من سنخ النذر والعهد , فإنهما من الإيقاع وهو من الوعد. هذا ولا إشكال في وجوب العمل بالجميع , وأن مخالفتها تستوجب الكفارة , كما هو موضح في أبوابها. فلاحظ.
[١] يشير بهذا إلى حديث : « رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم , وعن المجنون حتى يفيق , وعن النائم حتى يستيقظ » [١]. وقد اشتهر الاستدلال به على نفي سببية الأسباب إذا كانت صادرة من الصبي , عقداً , أو إيقاعاً ـ كالنذر والعهد ـ أو غيرهما , كاليمين. والاشكال فيه ظاهر , فان نفي الوجوب في العقد والإيقاع أعم من ترتب المضمون , ولذا يصح من الولي ويترتب مضمونه وإن لم يجب على الصبي الوفاء به. كما أن نفي الوجوب في حال الصبا ـ في غير الإيقاع والعقد ـ لا يقتضي نفي الوجوب بعد البلوغ. فالعمدة في نفي السببية : هو الإجماع.
ومن ذلك يظهر لك الإشكال في الاستدلال به في المجنون , وبحديث :
[١] المعتبر : المقدمة الاولى من كتاب الحج صفحة : ٣٣٧ وقد تقدم في أول فصل شرائط وجوب حجة الإسلام.
نام کتاب : مستمسك العروة الوثقى- ط بیروت نویسنده : الحكيم، السيد محسن جلد : 10 صفحه : 295