نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 6 صفحه : 457
يكتشفه من قرأ
وتمعّن في حياته منذ ولادته إلى شهادته وعند ذلك سيتّخذ موقفاً آخرا. وهو أنّه ما
هاجر من الحجاز إلى العراق إلاّ وقد وطّن نفسه للشهادة والتضحية لأجل بقاء الإسلام
واصلاح أمر الاُمّة وفضح أعدائهما.
إنّ الدافع الحقيقي للامام إلى الثورة
والتضحية بالنفس والنفيس هو شعوره الديني بأنّ السلطة وسياستها العامة لاتلتزم
بالمبادئ الدينية وانّها بيد من يشرب الخمر ويلعب بالكلاب ويمارس الفسق والفجور
ليله ونهاره ، فلو دامت السلطة على هذه الحال لا يبقى من الإسلام إلاّ اسمه ولأجل
ذلك لمّا طلب مروان بن الحكم مبايعة الامام ليزيد ، قال : فعلى الإسلام السلام إذا
بليت الاُمّة براع مثل يزيد كما عرفت.
إنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : صنفان من اُمّتي إذا صلحا صلحت
اُمّتي وإذا فسدا فسدت اُمّتي ، قيل : يا رسول اللّه ومن هما؟ فقال : الفقهاء
والاُمراء [١]
، فإذا كان صلاح الاُمّة وفسادها رهن صلاح الخلافة وفسادها فقيادة مثل يزيد لا
يزيد الأمر إلاّ عيثاً وفسادا.
إنّ القيادة الإسلامية بين التنصيص
والشورى فلم يملك يزيد السلطة لا بتنصيص من اللّه سبحانه ولا بشورى من الاُمّة وقد
وقف على ذلك أعلامهم ، ولأجل ذلك كتبوا إلى الحسين عليهالسلام
في رسالة جاء فيها : أمّا بعد فالحمدللّه الذي قصم عدوّك الجبّار العنيد الذي
انتزى على هذه الاُمّة فابتزّها أمرها وغصبها فيأها وتأمّر عليها بغير رضى منها ،
ثمّ قتل خيارها وأستبقى شرارها [٢].
ولم يكن الولد ( يزيد ) فريداً في غصب
حق الاُمّة بل سبقه والده معاوية إليه