نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 6 صفحه : 284
حسب التعرّف على
صفاته سبحانه ، من كونه حكيماً غير عابث ، يكشف عن كون مقتضى الحكمة هو لزوم النصب
أو عدمه ، وإلا فالعباد أقصر من أن يكونوا حاكمين على اللّه سبحانه.
ثمّ إنّ اختلافهم في كون النصب فرضاً
على اللّه أو على الاُمّة ، ينجم عن اختلافهم في حقيقة الخلافة والامامة عن رسول
اللّه. فمن ينطر إلى الامام كرئيس دولة ليس له وظيفة إلا تأمين الطرق والسبل ،
وتوفير الأرزاق ، واجراء الحدود ، والجهاد في سبيل أللّه ، إلى غير ذلك ممّا يقوم
به رؤساء الدول بأشكالها المختلفة ، فقد قال بوجوب نصبه على الاُمّة ، إذ لا يشترط
فيه من المواصفات إلا الكفاءة والمقدرة على تدبير الاُمور وهذا ما يمكن أن تقوم به
الاُمّة الإسلامية ، وأمّا على القول بأنّ الإمامة استمرار لوظائف الرسالة ( لا
لنفس الرسالة فانّ الرسالة والنبوّة مختومتان بالتحاق النبي الأكرم بالرفيق الأعلى
) فمن المعلوم إنّ تقلّد هذا المقام يتوقّف على توفّر صلاحيات عالية لا ينالها
الفرد إلا إذا حظي بعناية إلهية خاصة فيخلف النبي في عمله بالاُصول والفروع ، وفي
سد جميع الفراغات الحاصلة بموته ، ومن المعلوم أنّه لا تتعرّف عليه الاُمّة إلا عن
طريق الرسول ، ولا يتوفّر وجوده إلا بتربية غيبيّة.
فقد ظهر من ذلك أنّ كون القيادة
الاسلامية بعد النبي بيد اللّه أو بيد الاُمّة ، أو انّ التعيين هل هو واجب عليه
سبحانه أو عليهم ، ينجم عن الاختلاف في ماهية الخلافة.
فمن جعلها سياسة زمنية وقتية يشغلها فرد
من الاُمّة بأحد الطرق ، قال في حقه : « لا ينخلع الامام بنفسقه وظلمه بغصب
الأموال وضرب الابشار ، وتناول النفوس المحرمة ، وتضييع الحقوق ، وتعطيل الحدود ،
ولا يجب الخروج عليه ، بل يجب
نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 6 صفحه : 284