نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 52
الكلام في شيء ممّا
ذكرناه ، علمنا أنّ الكلام فيه بدعة ، والبحث عنه ضلالة ، لأنّه لو كان خيراً لما
فات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولتكلَّموا
فيه ، قالوا : ولأنّه ليس يخلو ذلك من وجهين : إمّا أن يكونوا علموه فسكتوا عنه ،
أو لم يعلموه بل جهلوه ؛ فإن كانوا علموه ولم يتكلّموا فيه وسعنا أيضاً نحن السكوت
عنه ، كما وسعهم السكوت عنه ، ووسعنا ترك الخوض كما وسعهم ترك الخوض فيه ، ولأنّه
لو كان من الدِّين ما وسعهم السكوت عنه ، وإن كانوا لم يعلموه وسعنا جهله كما وسع
أُولئك جهله ، لأنّه لو كان من الدين لم يجهلوه ، فعلى كلا الوجهين الكلام فيه
بدعة ، والخوض فيه ضلالة ؛ فهذه جملة ما احتجّوا به في ترك النظر في الأُصول.
قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه :
الجواب عنه من ثلاثة أوجه :
أحدها
قلب السؤال عليهم بأن يقال : النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
لم يقل أيضاً إنّه من بحث عن ذلك وتكلّم فيه فاجعلوه مبتدعاً ضالاً ، فقد لزمكم أن
تكونوا مبتدعة ضُلاّلاً إذ قد تكلّمتم في شيء لم يتكلم فيه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وضلّلتم من لم يضلّله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الجواب
الثاني أن يقال لهم : إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يجهل شيئاً ممّا ذكرتموه من الكلام
في الجسم والعرض ، والحركة والسكون ، والجزء والطفرة ، وإن لم يتكلم في كلّ واحد
من ذلك معيناً ، وكذلك الفقهاء والعلماء من الصحابة ، غير أنّ هذه الأشياء التي
ذكرتموها معينة ، أُصولها موجودة في القرآن والسنة جملة غير منفصلة.
فأمّا الحركة والسكون والكلام فيهما
فأصلهما موجود في القرآن ، وهما يدلاّن على التوحيد ، وكذلك الاجتماع والافتراق ،
قال الله تعالى مخبراً عن خليله إبراهيم صلوات عليه وسلامه في قصة أُفول الكوكب
الشمس والقمر [١]
وتحريكها من مكان إلى مكان ، ما دلّ على أنّ ربّه عزّوجلّ لا يجوز