نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 50
والإصلاح ، وبيّن ما
يعتقد به من المذهب الحقّ ، الذي هو منهج وسط ين العقيدة الحنبلية والمعتزلة ؛ فألّف
كتاب « اللمع » ، وبذلك يمكن أن يقال إنّ « الإبانة » أسبق تأليفاًمن « اللمع ».
إنّ ما بين الباحثين عن منهج الإمام
الأشعري من يوافقنا في النتيجة ، وقد وصل إليها من طريق غير ما سلكناه ، وإليك
نصّه : « إنّ الصورة العقلية التي يصوّرها في « الإبانة » قد صوّرت أوّلاً ،
والصورة العقلية التي يصوّرها في « اللمع » قد صوّرت أخيراً ، وإنّها كانت تجديداً
لمذهب الأشعري في وضعه النهائي الذي مات صاحبه وهو يعتنقه ، ويعتقد صحته ، ويدافع
عنه ، ويرضاه لأتباعه ، وأسباب هذا الترجيح ـ كون اللمع أُلِّف بعد الإبانة ـ
كثيرة ، فمنها ما هو نفسي ، ومنها ما هو علمي.
وممّا يعود إلى الأسباب النفسية أنّنا
نرى الأشعري في كتاب « الإبانة » أشرق أسلوباً ، وأكثر تحمّساً ، وأعظم تحاملاً
على المعتزلة ، وأكثر بعداً عن آرائهم ، وهذه مظاهر نفسية يجدها المرء في نفسه
تجاه رأيه الذي يتركه إبّان تركه أو بُعَيْدَ التنازل عنه ، أمّا من الناحية
العلمية فحسب القارئ أن يراجع باباً مشتركاً في الكتابين ليرى أنّ كتاب « اللمع »
في ذلك الباب أحاط بمسائل ، وأجاد في عرض أدلّتها ، وأفاض في بيان اعتراضات خصومه
، وأحسن في الرد عليها ، وذاك ممّا يدلّ على أنّ كتاب « اللمع » لم يكتب إلاّ في
الوقت الذي نضج فيه المذهب في نفس صاحبه ، وأنّه لم يصوّره في هذا الكتاب إلاّ بعد
أن أصبح واضحاً عنده. [١]
والفرق بين التحليلين واضح ، فعلى ما
ذكرناه نحن لم يكن للإمام الأشعري بعد الرجوع عن الاعتزال إلاّ مذهب واحد وفكرة
خاصة ، وقد عرضها بعد ما اصطنع الصورة الأُولى ليكسب بها رضى الحنابلة أو يتجنب
شرهم.
وعلى ما ذكره ذلك الباحث تكون الصورتان
لمرحلتين مختلفتين في تطوّره
[١] مقدّمة اللمع
للدكتور « حمودة غرابة » : ٧ نقله عن الباحث الغربي « فنسنك » وغيره.
نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 50