نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 2 صفحه : 321
عرفت أنّ القول بكون
أفعال العباد مخلوقة يعدّ إحدى دعائم العقيدة الأشعرية ، وقد قال أبو المعالي بدور
الإنسان في أعماله. ولو كان هذا مذهبه كما نسبه إليه الشهرستاني فما معنى المناظرة
التي دارت بينه وبين « أبي القاسم بن برهان » في مسألة أفعال العباد؟
قال القاسم : هل للعباد أعمال؟ فقال أبو
المعالي : إن وجدت آية تقتضي ذا فالحجة لك ، فتلا (وَلَهُمْ أَعْمالٌ
مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ)[١]
ومدّ بها صوته وكرر « هم لها عاملون »و قوله : (لَو اسْتَطَعْنا
لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ
لَكاذِبُونَ)[٢]
أي كانوا مستطيعين. فأخذ أبو المعالي يستروح إلى التأويل. فقال : والله إنّك بارد
وتتأوّل صريح كلام الله لتصحح بتأويلك كلام الأشعري وأكلّه ابن برهان بالحجة فبهت.
[٣]
ولعل هذه المناظرة ونظائرها دعته إلى العدول
عن نظرية الأشعري في أفعال العباد ، والانسلاك في خط القائلين بالاختيار للإنسان.
ولأجل عدم قوله بالقدر الجبري ورفضه هذه
الأحاديث ربما اتّهموه بأنّه من فرط ذكائه وإمامته في الورع ، وأُصول المذهب ،
وقوة مناظرته ، لا يدري الحديث كما يليق به لا متناً ولا إسناداً. [٤]
٢ ـ ما نقل عنه في كتاب البرهان قال : «
إنّ الله يعلم الكليات لا الجزئيات »وهذه نظرية المعتزلة في علمه سبحانه لا
الأشاعرة ، وهي وإن كانت باطلة جداً لكن الإصحار بها في تلك الظروف المليئة بالحقد
والتحامل على المعتزلة ، يكشف عن أنّ الرجل كان يملك حرية خاصة في طرح المسائل.
٣ ـ قد سلك في الصفات الخبرية مسلك
الحزم والاحتياط ، فأجرى الظواهر على مواردها وفوض معانيها إلى الرب.